يبدو العنوان مستفزا نوعا ما، لكن دعونا ننظر إلى مدى توافقه مع المحتوى ثم نصدر الحكم بعدئذ.

لا شك في أن الإعلام هو المرآة الحقيقية للمجتمعات من خلاله تنعكس الوقائع والأحداث التي تهمها فتلتقطها أعين الناس وتمحصها، فترى الندوب والخدوش التي تطال وجه المجتمع، وترى الحسن والجمال الذي يزينه كذلك، بيد أن المصيبة العظيمة والطامة الكبرى عندما ينسى بعض الإعلاميين دورهم، ومن هنا تتداخل الصور وتتصادم الحقائق، فيظهر المجتمع بصورتين مشوشتين لا تستطيع عند النظر إليها تمييز صورة المجتمع طبق الأصل، ويحول بين الصورتين غلاف شفاف لا تكاد تميز من ورائه الصورة الأصلية، يحدث ذلك عندما تغيب الشفافية، وعندما يصبح هم الإعلام مجاملة المسؤول.

نعم محايل مستلبة والذي سلبها الإعلام، والاستلاب في أبسط صوره هو المنع والحرمان، ومحايل بسبب الإعلام محرومة وممنوعة من تحقيق ذاتها وإظهار صورتها كما هي، والشواهد على ذلك كثيرة منها على سبيل التمثيل لا الحصر: الخدمات الصحية في محايل عسير لا تفي بحاجات مجتمعها، ولا تغطي عدد سكانها الهائل، ومع ذلك فإنك حينما تتصفح إعلام محايل تتمنى لو أنك أحد سكان محايل، لتحظى بهذا الكم الهائل من الرعاية الصحية، والواقع غير ذلك، فالمواعيد بالشهور، وأغلب الحالات الحرجة التي تمر بصحة محايل لسوء حظها، ينتهي بها المطاف في العناية الوسطى بمستشفى عسير المركزي، والسؤال لماذا لا يكون في محايل مثل ما في عسير من الخدمات الصحية؟! لا سيما أن الطريق المؤدي لأبها حيث الخدمات الراقية لا ينجو منه إلا القليل، أو لماذا لا يكون هناك إسعاف طائر يتسلق الجبال بسرعة عندما تنتهي صحة محايل من تشخيص مرضاها التشخيص الذي يضمن لهم الصعود للأعلى؟ هذا بالنسبة للمدينة الأم ناهيكم عن المراكز التابعة لها، فمركز قنا مثلا بلا مشفى، وطريقها إلى محايل «مقطعة» يعني خطير جدا، وجارتها بحر أبو سكينة كذلك وربما أسوأ.

هذا غيض من فيض فكيف سيكون الحال لو سردنا قصص الخدمات التنموية الأخرى كالبلديات والمواصلات واللجان الاجتماعية واللجنة الثقافية التي أعدها الأهم، تلك التي تبنّت العقول والأفكار ماذا قدمت لمحايل، وماذا قدّم لها الإعلام وعليها؟ هل قرأتم في إعلامنا شيئا يخصها؟ حتى الأمسيات النادرة التي تقيمها لا يتطرق لها إعلام محايل، ربما لأن العين المسؤولة لا ترى الثقافة، أو لا تحب رؤيتها. وفيما يخص التنمية الاقتصادية والسياحية، فشهادة حق أن هناك اهتماما كبيرا بها من قبل الجميع، إعلاميين ومسؤولين، وللإحاطة يظل جانب الاقتصاد مهما جدا في تقدم الشعوب والمجتمعات، خصوصا في العالم الحديث، فقد ارتبط مفهوم المعرفة في زمن العولمة بالوضع الاقتصادي والتقني، فبهما تتشكل وتتحقق التنمية، كما في الدول المتقدمة، ولكن كل هذا لا يمكن أن يتمثل دون أن تتوافر الخدمات الرئيسية في أي بلد كان. وإذا ما تطرقنا بالحديث عن الآثار القيمة الموجودة في محايل والسكوت المخجل من الجميع عن إبرازها أو الحديث عنها، إذ لا يوجد لهيئة الآثار والسياحة مقر أو فرع في محافظتنا مع العلم أنها غنية بها، ولو كانت المساحة تكفي لذكرت بعضها. هل عرفتم الآن لماذا محايل مستلبة، لأننا نسينا أو تناسينا همّ البلد وأبناء البلد، ليتنا كإعلاميين في محايل نترك المجاملة سنة واحدة ونتجه بروح واحدة وقلب واحد إلى إظهار ما يحتاجه المجتمع وما يهمه ويخدمه بشكل أساسي، لعلنا نستطيع خلال هذه السنة العثور على الصورة الحقيقية لمحافظة محايل الصورة طبق الأصل.