انطلقت مع غرة شوال للعام الجامعي 1437 /‏1438 فعاليات برنامج القبول والتسجيل في جميع الجامعات بمملكتنا الحبيبة، وحقيقة يشكر وزير التعليم ومديرو الجامعات على تسهيل إجراءات التقديم وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن. وكذلك الشكر موصول للقائمين على عمادات القبول والتسجيل في إجراءات الترتيبات اللازمة لاختيار الطلاب بالتخصصات حسب رغباتهم ووفق ضوابط معينة.

ويعد اختيار التخصص الجامعي المناسب من أهم عوامل النجاح في الدراسة، وكلما كان التخصص مناسبا لميول الطالب ورغباته، سهل عليه اجتياز هذه المرحلة بتفوق ونجاح، وجعله يحقق معدلات عالية تنعكس بالإيجاب على مسيرته العملية فيما بعد. وقد أظهرت نتائج استطلاع أجراه مركز قياس مؤخراً أن 40 % من طلاب وطالبات المرحلة الثانوية ليست لديهم رؤية واضحة حول التخصص الذي يرغبونه في الجامعة. وكشف الاستطلاع أن 13% من الطلبة سيفكرون في اختيار التخصص بعد انتهاء الثانوية، وأن 26% منهم لديهم إلى حد ما رؤية واضحة حول التخصص الذي يرغبون فيه، بيد أن 21% من الطلبة رؤيتهم واضحة للتخصص الذي يرغبون فيه. وطالب خبراء بمراجعة الطالب للمواد الدراسية التي كان فيها أكثر نجاحًا من بقية المواد خلال مرحلته الدراسية، فإن كان متميزاً في مادة ما يختار تخصصها. ويجب على من أراد النجاح والتميز أن يضع له رؤية معينة وأن يصنع له مساراً مختلفاً، وأن يبتعد عن المقارنات مع أقرانه في مجال تخصصه، فعندما خلق الله البشر لم يخلقهم متشابهين وإنما خلقهم مختلفين في أشكالهم وأخلاقهم وأسلوب تفكيرهم وعلمهم وإمكانياتهم الشخصية، ولذلك فالاختلاف من سنن الله تعالى في خلقه، فيجب على من أراد التميز أن يشق طريقه بنفسه، وأن يضع له بصمةً تميزه عن غيره، وأن يبتعد عن المحاكاة والتقليد. فاحرص على أن تكون مختلفاً بفكرك وبمنهجك اختلافاً يصب في تعزيز وتطوير قدراتك وفي تطوير مجال عملك. كما يجب على الطالب أن يتعلم كيفية اتخاذ القرار المناسب وكيفية التعامل مع المشكلات، وذلك من خلال الاحتكاك بالعلماء والمختصين في مجال التخصص لرؤية كيفية تعاملهم مع المشكلات وكيفية اتخاذ القرار الصحيح السليم المبني على العلم والمعرفة. العديد من الاستراتيجيات والمنهجيات المعتمدة في اختيار التخصص وتبصير الطلاب بالكثير من المنهجيات الخاطئة التي يقعون فيها والتي تكون لها نتائج مؤلمة في حياتهم العملية.

من هذا المنطلق أتمنى من الجامعات أن تقدم دليلا شاملا ومبسطا للتعريف أكثر بالكليات وأقسامها الأكاديمية وشروط التسجيل فيها.. وربط الطلاب بمختلف التخصصات بمختصين في مجال اختيار التخصص الأنسب. وضرورة إطلاع الطلاب والطالبات على تقديم معلومات متكاملة ومتوفرة عن جميع برامج الرؤية، وشرح خططها وبرامجها سواء لبرنامج التحول الوطني 2020 أو رؤية المملكة 2030.

لذا على الطلاب والطالبات بذل جهد كبير في ذلك ليتسنى لهم اختيار التخصص وفق الرؤية. وبشكل دائم حتى يتسنى لكافة الطلاب الاطلاع عليه في اختيار التخصص الذي يناسب قدراتهم وميولهم واهتماماتهم وفق منهجية علمية مدروسة.

أخيراً وليس آخرا، لا تجعلوا الهدف المادي هو المحرك أو الدافع الأساسي لكم في اختيار مجال تخصصكم، أو في بناء حياتكم ومستقبلكم، وإنما عليكم اختيار التخصص والمجال الذي يتناسب مع قدراتكم وتوجهاتكم ورغباتكم الحقيقية وتفكيركم الخاص، فاختيار التخصص المناسب يخلق النجاح والتميز، كما أن النجاح الشخصي يحقق النجاح المادي، ويصنع منكم نموذجاً متميزاً وقدوةً حسنة للجيل الحالي وللأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن المعطاء. أتمنى لكم حياة جامعية ماتعة نافعة.