أوضحت نشرة سوق العمل للربع الأول 2017 والتي تصدرها الهيئة العامة للإحصاء أن عدد الباحثين السعوديين عن العمل الذكور 219 ألفا والإناث 688 ألفا (المجموع 907 آلاف)، أي قرابة المليون باحث عن العمل، 50% منهم خريجون جامعيون وخريجات جامعيات.

أما البيانات التقديرية لمسح القوى العاملة للهيئة العامة والإحصاء فوضحت أن عدد المتعطلين عن العمل 723 ألف شخص سعودي، وتمثل نسبة الإناث منهم 55%، وبذلك تكون نسبة البطالة للسعوديين (ذكور وإناث) وصلت إلى12.7%، وتعتبر هذه النسبة عالية، حتى أن الدول المتقدمة أطلقت على النسب التي تتخطى 10% «بطالة ثنائية الخانات» أو «double digit» وهو رمز لخطورتها. بالإضافة لذلك، البطالة النسائية حسب النشرة وصلت إلى 33% وهذا يعتبر الأسوأ عالميا حسب المعلومات الموجودة للمقارنة في صندوق البنك الدولي.

يلاحظ من التقارير الرسمية عن زيادة التوظيف في السنوات الأخيرة في القطاع الخاص، والذي وصل عدد الموظفين فيه إلى قرابة المليونين، أن نصفهم تقريبا برواتب 3500 ريال وأقل، أي أن الاقتصاد لا يولد إلا وظائف متدنية الإنتاجية والرواتب (مطعم، مول، حارس أمن، وهكذا). ومع ذلك فإن نسبة التوظيف في القطاع الخاص انخفضت 37% خلال عام 2016، مقارنة بالعام الذي سبقه، حسب ما ورد في تقرير 2016 لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

كما أوضحت النشرة أن عدد العاملين في القطاعين الخاص والحكومي المدني والذين من المتوقع خروجهم للتقاعد فقط 616 ألف شخص خلال الـ15 سنة القادمة، حيث إن أعمار هؤلاء تفوق 45 سنة، بينما يتوقع دخول 6 ملايين شخص لسوق العمل خلال نفس الفترة.

الاعتماد على إحلال العمالة الوافدة لن يجدي، فحوالي 10 ملايين من 11 مليون وافد رواتبهم دون 3000 ريال، منهم 8.4 ملايين وافد رواتبهم دون 1500 ريال شهريا، فلا أرى أن إحلال العمالة الوافدة بسعوديين سيحل المشكلة ولا حتى جزء من المشكلة.

تعول المملكة على القطاع الخاص لتوليد الوظائف، وهذا مستحيل في ظل المعطيات الحالية، حيث إن القطاع الخاص لا يستثمر في البحوث والتطوير، وهذا مؤشر أساسي لعدم توليد الوظائف، وأنه سيكون اتكاليا على الدعم الحكومي، ولذلك الاعتماد على القطاع الخاص مستحيل، ويجب علينا مراجعة أهلية القطاع الخاص ليكون الشريك الاستراتيجي في تطوير الاقتصاد، وأحيانا لا أجد فكرة للخروج من المأزق غير العمل على جذب الاستثمار الخارجي لغرض استهداف التوظيف، وطبعا ليس كل الاستثمار الخارجي يهدف لذلك، وأيضا أهمية استثمار الحكومة (مساهمة مع التجار والمواطنين) في أعمال يفترض أن يقوم بها القطاع الخاص، بشرط أن يكون مستهدفا توليد الوظائف ومحاربا للاحتكار وفرص التستر وجشع التجار.

لإنقاذ الموقف على المدى القريب (وهذا لن يتماسك لفترة طويلة)، أوضحت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أنها ستغير قريبا من نسب التوطين، وهذا جيد، حيث إن القطاع الخاص متوقع أن يستغني عن بعض العمالة الوافدة ليستغني عن بعض السعودة مستغلين المادة 77 وما جاورها من المواد الأخرى.

بكل بساطة، إذا انخفضت الأعمال من 30% إلى 50%، فبالتأكيد أن الاستغناء عن العمالة الوافدة والسعودة سينخفض بنفس النسبة.

ولذلك يجب استهداف رفع نسب التوطين، ويجب استهداف سعودة بعض القطاعات بالكامل، وأيضا يجب استهداف سعودة بعض المهن بالكامل مثل الموارد البشرية والمحاسبة والهندسة وغيرها مع إمكانية الاستقدام في بعض الحالات الخاصة، وأيضا عند القضاء على البطالة في تلك المهن، وهذا ما تعمل عليه وزارة العمل حاليا.

تبقى الأوضاع بانتظار خطط تغيير جذري لتطوير الاقتصاد وتوليد الوظائف ومواكبة طموح برامج التحول الوطني ورؤية المملكة، وخلق وجه جديد للقطاع الخاص ووضع معاير لمساهمته في استهداف التطوير ودعم البحوث العلمية والتحول من الريعية إلى الإنتاجية.