تتمثل رؤية وزارة الصحة في تحقيق الصحة بمفهومها الشامل، وعلى كل المستويات للفرد والأسرة والمجتمع،

مع العمل على مساعدة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وقد خصصت الميزانية المعتمدة لوزارة الصحة للعام المالي 1437 /‏1438 مبلغا ماليا وقدرة 59 مليار ريال، شاملة لتعويضات العاملين، والسلع والخدمات، والمنافع الاجتماعية، والإنفاق على البرامج، والإنفاق على المشاريع، ومصروفات أخرى.

هذه المخصصات والنفقات لم تختص بمنطقة أو مدينة دون أخرى، إلا أنه -وبعيداً عن التعصب المناطقي- هناك بالفعل مدن ومناطق تختلف عن الأخرى في نظام العمل وأسلوبه والاهتمام والنظافة، كما أنني متأكدة أن مثل هذه الاختلافات لا نستطيع أن نرجعها جميعا إلى وزارة الصحة وسياساتها، وإنما يتحمل جزءا من ذلك إهمال وتجاهل إدارة الشؤون الصحية ومديرها العام في هذه المدينة أو تلك أو المنطقة التابعة لوزارة الصحة، سواء من حيث أسلوب إدارة العمل أو نقل الصورة الواقعية، وليست الناصعة أو النزاهة ورفع الاحتياجات الفعلية والتخطيط المستقبلي.

على سبيل المثال، وإن كان النموذج الذي سأذكره له صور مختلفة في محافظات أخرى، فمستشفى النقاهة والصحة النفسية في محافظة بيشة، المبنى قديم جداً ومتهالك، وتصاحبه مشاكل لا تعد ولا تحصى في الصيانة، النفايات متراكمة حول المبنى، مما يجلب هوش الحشرات على المرضى في المستشفى، نظام الملفات أشبه بالفوضى،

وليس هناك أي ترتيب لملفات المرضى، وحتى تستطيع الحصول على ملفك كمريض لديهم يتوجب عليك الحضور قبل موعدك بيومين.

المستشفى هو للمرضى نفسيا، وهذه الفئة بالتحديد بحاجة إلى عناية ورعاية واهتمام بأسلوب مختلف، أما في مستشفى النقاهة والصحة النفسية في بيشة فالمستشفى نفسه يحتاج إلى أكثر من نقاهة، فعلى اختلاف أنواع المرضى وأشكالهم وأعمارهم، إلا أن هناك مخاوف من أنهم يزدادون مرضاً ولا يتعافون، هم مختلطون ببعضهم، وكل مريض فيهم حالته أردأ من الآخر، وصراخ بعضهم يرفع من ألم البقية، بالإضافة إلى حالات أخرى تشتكي

من أمراض نفسية تجعلهم يؤذون أنفسهم بالتجريح وإسالة الدم بالآلات الحادة، البقية ممن يعانون أمراضا نفسية بسيطة تزداد حالتهم سوءا بمخالطة مثل هؤلاء.

الوضع هناك صعب جداً، فليس الإهمال فقط في النظافة والرعاية أو مبنى المستشفى المتهالك، ولا تعطل النظام فيه، بل وصل الأمر إلى أقسام المبنى واختلاط مرضى كل قسم بالآخر، وأصبح المكان أشبه باختلاط الحابل بالنابل.

الالتفات إلى هذا المستشفى وأمثاله التفاتا جذريا، وإعادة النظر في احتياجاته، سواء في بناء خاص ومستقل به،

أو إعادة هيكلة النظام فيه، وتشكيل الأقسام كل حسب حالته الصحية ومستواها، ثم بعد ذلك الفصل بينهم وتشديد الرقابة على الأقسام بالاستعانة بالمختصين، وذلك حتى يُتم المسؤولون أمانتهم أمام الله ثم وطنهم، وهذه الثقة

الملقاة على عاتقهم.

لا خلاف بين المدن أو المناطق، يتساوى المرضى، وتتساوى المخصصات والنفقات من وزارة الصحة، كل مدينة وحسب حاجتها وظروفها وكثافتها السكانية، تتساوى حاجة المواطنين للشفاء والدواء، ولكن يختلف إحساس المسؤول من موقع لآخر بوظيفته والأمانة التي تقلدها واستجابة الإدارة المركزية لاحتياجاتها.