ثمّة مكانٌ تُخبّئ فيه ما استطعت، تلكَ الكلمات التي غرست فيك سهمًا، تلك الأفعال التي تركت فيك أثرًا، تلك المشاعر التي لا يُمكنك الإفصاح عنها، تلك الكلمات التي قتلتها داخلك،

هيّا نتحدث معًا:

أنا لا أستطيع أن أقول ذلك، لا أستطيع أن أفعل ذلك، أخاف أن أؤذي مشاعره، أخاف أن أؤلم قلبه، أخاف أن تكون ردّة فعله لا تُرضيني، أخشى أن يُفلت يدي، أنا لا أستطيع العيش دونه!

- حسنًا لنكمل، وماذا بعد؟

لا شيء، لكنّني أخاف أن أُفصح فأندم، أخاف أن أتحدّث فألوم نفسي فيما بعد، أخشى من عتابٍ يُفهَم خطأً.

اممممم، هل كان هكذا سابقًا؟

كلّا، كنت أتحدّث دون أن أخشى شيئًا، كنت أعلم يقينًا أنه سيفهمني.

- حسنًا والآن؟

لا شيء، أنا فقط أمضي يومي خائفًا من الغد وماذا سيحدث بعد، أمضي يومي مضطربًا محمّلًا بثقل الانتظار، متى سيحادثني، متى سيأتي، هل هو بخير وهكذا.

- هل أنت راضٍ عن هذه الحال التي أنت بها؟

بالطّبع لا، لكن ماذا بوسعي أن أفعل؟

- حسنًا قد تحدّثتَ بما فيه الكفاية، إليك ما يلي وافعل ما تراه مناسبًا ولا أُرغمك أن تعمل بما أقول:

إنّ للناس أحوالًا وظروفًا تتغيّر تبعًا لعوامل، واعلم أنّ مَن أحبّك صدقًا، لا تُشغله ظروف وإن أشغله أمر ما؛ أتاكَ معتذرًا، واعلم تمامًا أنّ من يحبّك لا يهون على قلبه أن يتركك تتألّم لفقده يومًا، لا يمكنه حتّى أن يضرّ قلبك حزنًا، اعلم أنّ من أحبّك لا يقرأ محادثاتك خفيةً وكأنّه ليس على علم، ليس من العدلِ أن تحرم قلبك النّور، ليس عدلًا أن تبقى أسيرًا بينما هو يعيش حرًّا طليقًا، أنِر تلك البقعة وانطلق للحياة، عِش يومك دون كدر، أنا لا أقول لك انسَ لكن تناسَ، فالنّسيان نعمةٌ منّ الله بها علينا لمثل هذا، عش يومك بالّذي يكن، فمن أرادك أتاك، اخلع من فكرك ماينغّص يومك، ستمرّ الأيّام وتمرّ حتّى تطيب نفسك، لا تنعزل، فالوحدة بقعة جميلة إن خلوت بها عاقلًا؛ لكن يسودها الظّلام إن عشتها في هذا الجوّ الكئيب، خالط من حولك، افتح مصحفك، اقرأ كتابًا، تذكّر قصصًا وعظيّة، مارس هواياتك، حاول أن تخلق نمطًا آخر لحياتك، أنِر هذا القعر المظلم.