يعيش التعليم الجامعي في المملكة حاليا أزهى عصوره؛ بعد أن اتسعت الجامعات، وتعددت الكليات، وتنوعت التخصصات، وطبقت برامج الجودة؛ التي انتهت بحصول عدد من الجامعات السعودية على الاعتماد الأكاديمي.

تلك المعطيات الثرية تؤكد تميز التعليم الجامعي في بلادنا ومنافسته للمؤسسات التعليمية في دول العالم. وهي في - الوقت ذاته- تشجع على التحول نحو العالمية، فجامعاتنا بهذا الوصف تقدم للعالم شهادات علمية معتمدة وموثوقة، وخريجين أكفاء، أكدوا حضورهم في كل المجالات داخل المملكة وخارجها.

السعي إلى عالمية التعليم الجامعي مطلب إيجابي، يمكن تحقيقه بالسماح للأجانب بالالتحاق بالجامعات السعودية، فوجود غير السعوديين إلى جانب السعوديين في الجامعات يساعد على دعم مطالب الانفتاح الفكري والثقافي، ويسهم في الثراء المعرفي للجميع، هذا فضلا عن زيادة عدد خريجي الجامعات السعودية من غير السعوديين.

هؤلاء الخريجون الذين يعودون غدا إلى أوطانهم سيكونون سفراء للجامعات السعودية هناك، وسيحمل كل منهم شعور الولاء للجامعة التي تخرج منها. هذا المسعى يأتي خلافا لما طالب به ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مؤخرا، من خلال وسم دعا إلى عدم السماح لغير السعوديين بدخول الجامعات السعودية. والحق أن هؤلاء النشطاء، وهم أبناء الوطن، لا بد أن يسعوا إلى عالمية التعليم في بلادهم، وأن يتفهموا أن استحقاق المواطن للحصول على فرص الدراسة الجامعية لا يتعارض أبدا مع وجود الأجانب، الذين يسهم وجودهم في خدمة التعليم الجامعي السعودي، من خلال زياد عدد المستفيدين من كلياته وبرامجه العليا عالميا.

ولا بد أن نذكّر هؤلاء بالمكانة التي تبوأها الأزهر الشريف في بداية العصر الحديث، من خلال تبنيه برامج الدراسة الجامعية، بافتتاح جامعة الأزهر، التي غدت قبلة الدارسين ومنارة العلماء من جميع أصقاع العالم الإسلامي.

إن الاكتفاء بقبول طلاب المنح في الجامعات السعودية، الذين يلتحق معظمهم ببرنامجي الماجستير والدكتوراه، أو الاكتفاء بقبول أعداد قليلة من الدارسين في برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، لا يحقق للتعليم الجامعي في المملكة عالميته المنشودة، في ظل برنامج التحول الوطني، ورؤية 2030، ومن ثم فلا بد من فتح أبواب الجامعات السعودية أمام غير السعوديين في الفترة المقبلة.

ويمكن أن يتم هذا الانفتاح عبر خطوات منظمة، تبدأ بالسماح لخريجي الثانويات العامة بالمملكة، من غير السعوديين. بالمنافسة على مقاعد القبول في الجامعات السعودية، دون تحديد عدد مقاعد، على ما هو معمول به حاليا، ثم ضبط المسائل المتعلقة بالامتيازات المالية للطلاب السعوديين، بحيث يقتصر في منح المكافأة الجامعية على الطلاب السعوديين.

قبول الطلاب غير السعوديين في الجامعات السعودية يأتي متسقا مع توظيف الأساتذة غير السعوديين فيها، نظرا للحاجة الماسة لبعض التخصصات. هؤلاء الأساتذة من غير السعوديين الذين يعملون في الجامعات السعودية هم سفراء لبلادهم في جامعاتنا، وحين يتخرج أبناؤهم ومواطنوهم من جامعاتنا يكونون سفراء لها أيضا في أوطانهم، ما يجعل جامعاتنا بوابات معرفة، يدخل منها العالم بأكمله، وهذا هو ما نسعى إليه جميعا.