بعد أمل كبير نتيجة المعطيات والمؤشرات التي بددت الآمال وعززتها، يأتي عدد الاحتياج في الوظائف التعليمية، والذي أعلنت عنه وزارة التعليم الأربعاء الماضي، في حساب وزير التعليم الرسمي في «تويتر» للسنة 1438/‏ 1439، مفاجئا ومؤلما جدا للمتقدمين عليها، والمنتظرين الذين قدّموا على وظائف تعليمية.

الإعلان جاء بعدد 7466 وظيفة تعليمية للجنسين، فيما بلغ عدد المتقدمين على هذه الوظائف 645 ألف متقدم ومتقدمة، حسب آخر إحصاء، واللافت إلى النظر أن عدد المتقاعدين بعد توظيف آخر إعلان للاحتياج التعليمي تجاوز 20,000 من الجنسين.

إذًا، كيف يمكن لهذا العدد المعلن عنه للاحتياج أن يغطي فراغ المتقاعدين من الوظائف التعليمية، وكان الناس يتوقعون أن يكون العدد مساويا، ليكون إحلال المعينين محل المتقاعدين في ظل حاجة المدارس للمعلمين والمعلمات الضرورية؟.

ولذلك، استغرب كثيرون تصريح وزير التعليم بوجود فائض في أعداد المعلمين والمعلمات في المملكة، حسب المعايير الدولية، مع أن التصريح ممكن أن يكون مقبولا ومفهوما لو كانت هناك شفافية وتفاصيل أكثر، من ناحية التخصصات المطلوبة والمتكدسة والبطالة المقنعة والأداء غير المرضي لبعض شرائح المعلمين والمعلمات، وسوء توزيع المدارس وتشتتها، وتكدس الطلاب والطالبات في مدارس، والعدد القليل الموزع في مدارس تم افتتاحها بعشوائية، ومجاملات تستنزف ميزانيات كبيرة لأعداد قليلة، وغير ذلك.

وكان من الممكن أن يكون مفهوما هذا التقليص ضمن الرؤية الحديثة للدولة التي تخفّض من الانفاق الرأسمالي الذي تم التوسع فيه إلى درجة الإفراط، دون إدراك أن ذلك جاء على حساب التنمية وتطوير التعليم.

التقليص بهذا الشكل لن يحل المشكلة، والرؤية ما زالت في سنواتها الأولى، وبقي عليها 13 عاما، وهناك مشكلات متراكمة لا تعد ولا تحصى في التعليم على مدى عقود، واختزالها في سبب واحد غير منطقي، فالضغط على معلمي ومعلمات المدارس بزيادة نصاب الحصص في جداولهم لتغطية حاجة المدرسة للمعلم، هذا يسبب مشكلة أخرى

أو كارثة في مجالنا التعليمي -إن صح التعبير- وهي أن المعلم الذي وجد هذه الوظيفة بعد انتظار شديد لا يفرط فيها، ومع زيادة عدد الحصص الأسبوعية في نصاب جدوله، لن يساعده هذا في تقديم أفضل ما لديه لطلابه، وسيصبح التعليم لديه مجرد حضور وانصراف في الوقت المحدد، من أجل الراتب الشهري، وكسب رضا إدارته التي تحتاج إلى معلمين، ولا ترفع بحاجتها إلى فروع الوزارة حتى تبقى مميزة في نظرها.

الأمر الآخر والأكثر خطورة تعليمية، هناك مدارس أخرى -وبسبب حاجتها إلى المعلمين والمعلمات- لا تكتفي بزيادة نصاب حصص المعلمين، بل إنها جرت إلى تحويل بعض المعلمين من تخصصاتهم إلى التخصصات الأخرى، لاستيعاب الحاجة إلى المعلمين دون الرفع بها إلى الوزارة. كلٌ حسب الأقسام التابع لها معلم التاريخ، يعلم الجغرافيا، يعلم الدين، معلم العربي، يعلم التاريخ، يعلم القرآن وعلوم الدين، وهكذا، والتخصصات العلمية

على هذا المنوال خاصة المراحل الأولى منها.

بهذا الوصف في مدارسنا التعليمية، كيف سيكون حال مخرجاتها؟ ماذا ستفعل الوزارة تجاه هذه المشكلات في تعليمنا؟

التعليل بأن وزارة المالية ترفض قبول عدد الاحتياج، وتحاول تقليصه قدر المستطاع، عذرٌ غير مقبول، فالتعليم هو الأساس في مستقبل هذا الوطن.