مسألة عجز الموظفين والموظفات في بعض الإدارات الحكومية وخاصة في «مناطق الأطراف» ليست بالجديدة، بل إشكالية دائمة لم يوجد لها حل، وهذه القضية سبق وأن طرحت للنقاش على نطاق الوظائف التعليمية، حين كانت المتقدمات لهذه الوظائف يوافقن في البداية على أن يرشحن على هذه الوظائف البعيدة عن مدنهن، غير أنهن ما يلبثن خلال عام أو اثنين حتى يطالبن بالنقل وبإلحاح شديد، مع طرق جميع الأبواب التي تساعدهن على ذلك، وغالبا ما كانت المدارس تشهد عجزا شديدا في المعلمات، حتى أن بعض المواد يتوقف تدريسها فصلا دراسيا كاملا، وطرح من ضمن الحلول لهذه الإشكالية أن تكون الأولوية في التعيين على هذه الوظائف لمن هن من سكان هذه المناطق أو من يقطن فيها فترات طويلة، وحتى يتحقق هذا الشرط طلب من المتقدمات عدد من الإثباتات كان منها تأكيد عمدة الحي أنها فعلا من سكان المكان، واستمر العمل بهذا الإجراء فترة ثم ظهرت انتقادات عديدة وكانت من الكثرة بحيث أجهضت الفكرة كاملة.

 كما طرحت الفكرة كذلك كعامل مساعد للحد من الحوادث المأساوية التي تتعرض لها المعلمات خلال قطعهن المسافات الطويلة بين أماكن إقامتهن والمدارس البعيدة في القرى والهجر، حيث إن شغل هذه الوظائف بمن هن في تلك الضواحي أو قريبات منها سيكون حلا أمثل، وكما ذكرنا فإن تلك الأفكار قد تم وأدها فور انطلاقها، إلا أن المشكلة لا زالت قائمة ولم يعد التعليم وحده من يعاني منها، بل هناك إدارات حكومية عديدة تعاني عجزا في الكوادر الوظيفية وخاصة النسائية، ولن يكون هناك حل إلا بتوطين هذه الوظائف وإشغالها بمن تنطبق عليهن الشروط ويقمن إقامة دائمة أو طويلة في هذا المناطق، وفي حال لم يطبق هذا الإجراء يشترط فيمن تتقدم لشغلها من خارج هذا النطاق أنه في حال تقدمت بطلب نقل فإن الطلب يظل على قائمة الانتظار إلى أن تتوفر بديلة لها، لأن بعضا منهن يغادرن تاركات المكان شاغرا ويحتاج سده بأقصى سرعة، خاصة إذا كانت مهام هذه الموظفة تتعلق بفئات معينة تحتاج رعاية وإشراف دائم من قبل متخصصات في مجالات معينة لا تتوفر بسهولة ويصعب شغلها بتخصصات أخرى، كما هو الحال في التخصصات النفسية والاجتماعية والتمريض كذلك، وهناك مراكز نزلاؤها يحتاجون أصحاب هذه التخصصات تحديدا، كنزلاء الصحة ومراكز التأهيل وحتى الإصلاحيات والسجون، بمعنى أن الافتقار لهذه التخصصات يسبب الارتباك والتراجع في تقديم الخدمة لنزلاء هذه المراكز، والضرورة تحتم معالجة هذا الملف لنضمن سد العجز وتقديم خدمة نموذجية تخصصية لمن يحتاجها، وبذلك ترتفع نسبة الأداء تصاعديا وليس كما هو الحال في بعض مناطق الأطراف، مؤشر الأداء منخفض بسب نقص الكوادر الوظيفية المؤهلة إن لم نقل ندرتها.