ثقة المعلم بمسؤوليه أساسية لصناعة التغيير في تعليمنا، فَهُم رجال ونساء التغيير حاضرا ومستقبلا. معلمونا هم جنودٌ لبناء عقول اليوم، ومؤتمنون على مستقبل أبنائنا وبناتنا في إعدادهم وفكرهم وإبداعهم. دعمهم وتمكينهم هو السبيل الوحيد لتحقيق الغاية الأكبر، ثروتنا البشرية.

أذكر منذ 3 أعوام أنني قرأت عبارات استياء وهجوم ميداني كبير على مبدأ رخصة المعلم، وذلك قبل تعاقدي مديرا للمشروع بهيئة تقويم التعليم العام. ومن صوت الميدان انطلقت استراتيجية بناء مشروع المعايير والرخص المهنية للمعلمين، لتكون من المعلم وإلى المعلم. دفعني الهجوم الإعلامي ضد رخصة المعلم إلى التعرف أكثر على المفاهيم العلمية واستراتيجيات الشراكة في التطوير، تعزيز خطط التواصل والإعلام، أسس تمكين المعلم، استثمار التقنية في التواصل، وغير ذلك من الاستراتيجيات العملية والعلمية التي حققت بعد عامين نظرة مختلفة عما قرأته من عتاب.

المعلم نواة استدامة العطاء، ولا بد من تمكينه ودعمه، وموازنة ذلك بتدريب المقصرين منهم ثم محاسبتهم. الميدان ليس أرقاما ورسومات بيانية، هو واقع يفهمه من عاصره أو عاصر المعلمين. التعليم مهنة، وإن أساء بعض الإعلاميين أو بعض المعلمين استخدامها، فستظل المهنة التي نتجه إليها لتعليم أبنائنا وبناتنا لصناعة مستقبلهم. لا مجال لفقدان الأمل أو الثقة، حماية ودعم مهنة التعليم دورنا جميعا.

المعلم هو المؤثر الأكبر على نتائج تحصيل الطالب. المعلم في علمه نتاج تعليمنا، وفي شغفه نتاج إدارتنا، وفي أدائه نتاج نظامنا، وفي عطائه نتاج عطائنا، وفي راحته نتاج خدماتنا، ونفطنا القادم نتاج معلمينا. المعلم والتعليم مسؤوليتنا وحق لعامة الناس. الشراكة مع الميدان، والشفافية في التوجهات، والعمل وفق منظومة قيم إنسانية ومهنية واضحة هي أساس النجاح.

بعد توفيق الله، وجهود فريق رائع، ومشاركة صادقة مع الميدان، تكررت على فريق المشروع عبارات «شكرا لكم على مشاركتنا» و«لقد أحييتم فينا الأمل» و «مستعدون للتطوع للمساهمة في المشروع» و «سأكون أول من يحصل على الرخصة»، وكان ذلك قولاً وفعلاً. بادروا بجهدهم ووقتهم ومالهم لأنهم آمنوا برسالة واضحة وطموحة، لأنهم جزء من التغيير والتأثير على حاضر وطننا ومستقبله. فالأمل موجود، والمعلم مستعد، والوطن في حاجة. قادرون على مشاركة أكثر من نصف مليون معلم، وأولياء أمور أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة في تطوير تعليمنا وإنتاج نفطنا الدائم من ثروات بشرية وقدرات وطنية.

العملية التعليمية هي ببساطة معلم ومتعلم، وكل ما نقدمه هو لخدمة المعلم ليخدم المتعلم، وخدمتهم تكليف وتشريف. معلمونا هم الاستثمار الأساسي لإنتاج نفطنا القادم واستدامته. أولى خطوات الإصلاح هي الشراكة مع الميدان

وبناء الثقة بين مسؤولي الوزارة والمعلمين. تبنِّي منظومة من القيم الإنسانية والمهنية في الشراكة خطوة تُؤطر

بناء الثقة مع الميدان. إضافة إلى ذلك، المبادرة لمعالجة قضايا المعلمين ستطلق قدرات وإمكانيات لم نشهدها منهم. غرس مفهوم خدمة المعلم في القيادات التعليمية أساسي، فالقيادات التعليمية مهمتها خدمة التعليم والمعلم.

لا أعتقد وجود مسؤول تعليمي غافلا عن هذه الحقائق، ولكنها قد تكون مسألة أولويات أو موارد. ولأن المعلم

ركيزة التعليم، والمعلم إحصائيا المؤثر الأكبر لتحصيل الطالب، والمعلم هو فعليا من يقوم بدور الوزارة الأساسي، فإذًا قد تجد مبادرات تمكين المعلم أولوية. وأزعم أنه لا مجال لنجاح مبادرات التعليم كافة إن لم يتم وضع المعلم أولا.

المعلم أولا لنكون أولا.

هنيئا لكل معلم مجتهد يصنع الأثر، فسيتجه كل الدعم لمن يبني المواطن ولن يُقبل غير ذلك. وأنت يا معلمي تبني الوطن.