تعتبر ألمانيا جمهورية، فيدرالية، برلمانية ديمقراطية تمثيلية. يقوم النظام السياسي في ألمانيا على دستور تم وضعه في 1949 يسمى بالقانون الأساسي. ويُعد منصب رئيس الجمهورية المنصب الرسمي الأول في هذا النظام السياسي. والرئيس، هو قائد الدولة ويتمتع بصلاحيات وسلطات تمثيلية أولية. ويتم انتخابه من قبل المؤتمر الفيدرالي، وهو مؤسسة تشمل أعضاء البرلمان «البوندستاغ» وعددا مماثلا من مجلس الولايات «البوندسرات» وعددا من المواطنين. ورئيس «البوندستاغ» هو ثاني أعلى منصب رسمي ويتم انتخابه من قبل أعضاء «البوندستاغ»، وهو مسؤول عن الإشراف على الجلسات اليومية للبرلمان.

أما ثالث أعلى المناصب الرسمية ورئيس الحكومة فهو «المستشار»، لكنه المنصب الأول من حيث الأهمية وامتلاك سلطات تنفيذ السياسات الداخلية والخارجية. وهو رئيس تآلف من حزب أو أحزاب لتكوين الحكومة، ويمكن إقالة المستشار بالتصويت على حجب الثقة عليه من قبل البوندستاغ.

ومنذ عام 1949 تعاقب على منصب «المستشار» في ألمانيا في مرحلتي: ألمانيا الغربية (1949-1990) وألمانيا الموحدة منذ عام 1990. كل من: كونراد أديناور الذي كانت فترة حكمه بين الأعوام 1949- 1963؛ لودفيغ إيرهارت من 1963 - 1966؛ كورت غورغ كيزنغر من 1966 - 1969؛ فيلي برانت من 1969 - 1974؛ هلموت شميت من 1974 - 1982؛ هلموت كول 1982 - 1998؛ غيرهارد شرودر من 1998 - 2005 وأنجيلا ميركل التي تشغل هذا المنصب منذ 22 نوفمبر 2005.

ويقترب موعد الاستحقاق الانتخابي الألماني، حيث سيتوجه في 24 سبتمبر الجاري نحو 61.5 مليون ناخب وناخبة إلى مراكز الاقتراع لانتخاب مستشار جديد أو إعادة انتخاب السيدة إنجيلا ميركل زعيمة حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (CDU) لولاية رابعة في رئاسة الحكومة الألمانية.

وسينافس ميركل السياسي الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز بصفته رئيسا أسبق للبرلمان الأوروبي والبالغ من العمر 61 عاما، والذي انتخب رئيسا لبلدية فورسالن وهو المنصب الذي شغله طوال 11 عاما (1987-1998). وفي عام 2000 أصبح زعيم كتلة النواب الأوروبيين للحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفي 2004 انتخب رئيسا لمجموعة الحزب الاشتراكي الأوروبي في البرلمان الأوروبي. وتتمثل مشكلته الرئيسة في عدم امتلاكه أي خبرة سياسية.

وبحسب دراسة لمعهد أمنيد فإن أكثر من نصف المستطلعين (53 بالمئة) يعتبرون أن ميركل هي الأكثر كفاءة للحكم لولاية رابعة. في المقابل فقط 22 بالمئة من الألمان يعتبرون أن الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي هو المرشح الأفضل.

وتستمد الانتخابات الألمانية أهميتها من رزمة متطلبات داخلية واستحقاقات وتحديات خارجية جعلت من يشغل منصب مستشار ألمانيا قد يصبح مستشار أوروبا. وكان المستشار السابق هيلموت كول هو الذي فَرض هذا الحال. فبعد إشرافه على إعادة توحيد شطري ألمانيا في الفترة 1989-1990، بدأ كول ملاحقة ما اعتبره مهمة تاريخية والتي تمثلت في توحيد أوروبا أيضا. وقاد كول أوروبا من الاتفاق على معاهدة ماستريخت في عام 1991 إلى القرارات الحاسمة حول شكل عملة اليورو في عام 1998.

وقد تصرفت ميركل وكأنها مستشارة لأوروبا، ولكنها أبقت المصالح الألمانية نصب عينيها دائما. فقد أدركت أن عامة الناس في ألمانيا لن يتسامحوا مع إنفاق ضرائبهم على أوروبا. ولمس الإنفاق على اليونان وترا حساسا بشكل خاص. وعلى هذا فقد لبت ميركل الحد الأدنى - ما يكفي لمنع الانهيار وحسب، ولكنه أقل كثيرا من أن يضع حدا لأزمة اليونان أو أزمة اليورو في عموم الأمر. وتحافظ ميركل على دورها كمستشارة لأوروبا بحكم الأمر الواقع، لأنه لا يوجد بديل.

ويذكر أن ميركل اتخذت موقفا مبدئيا بشأن أزمة اللاجئين، فقبلت أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا. ولكنها فعلت هذا من دون استشارة شركائها الأوروبيين أو حتى مواطنيها. وسرعان ما عوقبت داخل بلدها. فعانى حزبها من سلسلة من الخسائر في انتخابات الولايات، في حين حقق حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي لليورو، وللأجانب. مكاسب كبيرة مدعوما من حركات اليمين المتطرف، أو من النازيين الجدد ومجموعة «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب» (بيغيدا) التي تكتسب نفوذا متصاعدا.

وإذا استمرت ميركل كمستشارة ألمانية فإنها لن تكون مستشارة أوروبا نظرا لمحدودية قدرة الاقتصاد الألماني على إنقاذ الاقتصاد الأوروبي الذي يمر في حالة احتضار، وتبدد الثقة في المؤسسات الأوروبية، وتآكل الروابط التجارية بين دول أوروبا.

ويضعها حصولها على ولاية رابعة في منصب «المستشار» في منزلة سلفها هلموت كول، فقط لجهة فترة الحكم التي استمرت 16 عاما، وهي أطول فترة حكم قضاها «مستشار» ألماني منذ عام 1949.

وثمة مؤشرات من ولايات حكم ميركل السابقة تتقاطع مع تجارب نساء حاكمات في دول مختلفة ومتطلبات داخلية ألمانية قد تُرجح حدوث مفاجأة غير متوقعة تتمثل في تصويت الناخب الألماني لخيار «وداعا ميركل».