أصبح الإجهار بالانفصال سياسة معلنة لدى بعض الأطراف في المنطقة، وكله يندرج بما أسمته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس، الشرق الأوسط الجديد.

والانفصال يتخذ اسما دبلوماسيا، عادة "حق تقرير المصير"، وهي بدعة خلقها الغرب لتقسيم الدول التي كانت إلى زمن بعيد تحت السلطنة العثمانية قبل أن تصبح تركيا "رجلا مريضا".

لن نرجع بالتاريخ إلى مؤامرة سايكس ـ بيكو، وإنما سننطلق من مكون العراق الحديث.

قبل سنوات، وفي ظل الاحتلال الأميركي، خرج من جنوب العراق من يدعو إلى إقامة إقليم شيعي على غرار إقليم الشمال الذي يتمتع به الأكراد بحكم ذاتي.

خفتت هذه الأصوات قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة التي لم تسفر من مايو الماضي، وحتى اللحظة عن حكومة، لأسباب انتخابية. وقبل فترة خرج من الأنبار وديالى من يدعو لإقامة دولة سنية في الوسط، لاقت الشجب والاستنكار من مرجعيات روحية وسياسية. ولكن الأمر تكرر بالأمس، خلال مؤتمر الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، انتقالا من الحكم الذاتي، إلى حق تقرير المصير، "لأن المرحلة المقبلة تنسجم مع ذلك"، مع ما يعنيه هذا المفهوم من تأسيس للانفصال عن الدولة الأم.

ذهبت كونداليزا مع ذهاب سيدها جورج بوش من البيت الأبيض، لكن أفكارها ومشروعاتها للمنطقة، ما زالت تدغدغ أحلام البعض ممن تربوا على موائد من يسعى إلى شرذمة شعوب المنطقة، وإعادة رسم خريطتها طبقا لأهوائهم وأطماعهم.