قبل نحو 40 سنة، قال الزعيم الكوري الشمالي الأسبق وأول رئيس للدولة، كيم إل سونغ: إن الأهم في استعدادنا للحروب، أننا نعلّم الناس على كراهية الإمبريالية الأميركية.

بهذه الكلمات، تفهم العلاقة الأميركية والكورية الشمالية القائمة على معاداة الهيمنة الأميركية على العالم، فضلا عن تجرع كأس الخسائر والمجاعة والتشرد الذي لحق بالكوريين الشماليين إبان الحرب الكورية منتصف القرن الماضي.

وبحسب تصريحات لقائد فريق نزع القنابل في كوريا الشمالية ماج جونغ هيون، يقول فيها: إن آثار الحرب على بلادهم، تحتاج إلى 100 سنة لكي تنمحي آثارها. مبينا أنه خلال شهر يوليو المنصرم فقط، تم التعامل مع نحو 2900 قطعة من بقايا المتفجرات التي ألقتها الولايات المتحدة خلال الحرب الكورية، فيما تمكن فريقه من نزع 1200 قطعة أخرى في أماكن متفرقة.

وحتى هذه اللحظة، ماتزال السياسة الكورية الشمالية والدعاية التابعة لها، ترى أن القصف الأميركي كان تبريرا لعسكرة الدولة المستمرة منذ عقود، فضلا عن البرامج الصاروخية والتجارب النووية التي تجهزها بيونغ يانغ لأي عدوان عسكري محتمل.


الحرب الكورية


اندلعت شرارة الحرب بين الكوريتين في الـ25 من يونيو عام 1950، عندما اندفع نحو 75 ألفا من جنود جيش الشعب الكوري الشمالي عبر الحدود إلى كوريا الجنوبية، والتي كانت تعرف بخط العرض 38، في وقت كانت تمثل كوريا الشمالية النظام الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفيتي السابق، فيما تمثل الجارة الجنوبية النظام الرأس مالي المدعوم غربيا.

وكان الزعيم كيم إيل سونغ قد أعلن عن قيام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية عام 1948، أي بعد 3 سنوات من زوال الاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية عند انتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان للحلفاء، فيما كان الغزو الكوري الشمالي للجنوب أول عمل عسكري في حقبة الحرب الباردة.

ودفعت هذه التطورات واشنطن إلى التدخل لصالح كوريا الجنوبية، حيث كان الأميركيون يرون أن تلك الحرب بمثابة حرب مع القوى الشيوعية العالمية. وعقب استمرار الاشتباكات العنيفة بين الجانبين، دخل القتال مرحلة أخرى، حيث تزايدت أعداد القتلى والجرحى دون أي نتيجة، مما دفع بالأميركان إلى محاولة التوصل إلى هدنة مع بيونغ يانغ، خشية توسيع نطاق الحرب لتشمل الاتحاد السوفيتي والصين وغيرهما.

ومع حلول شهر يوليو عام 1953، وضعت الحرب الكورية أوزارها، بعد إزهاق أرواح نحو 5 ملايين شخص من مدنيين وعسكريين، ليستمر الانقسام بين الكوريتين حتى الوقت الراهن.





القصف الأميركي


خلال فترة الحرب الممتدة لثلاث سنوات، كانت الهيمنة الأميركية تتمثل في التحليق الجوي فوق أراضي كوريا الشمالية، حيث يقول مؤرخون أميركيون شهدوا تلك الحقبة: إن الطائرات الأميركية كانت تلقي القنابل على المدن والأحياء، ولم تضرب فقط المناطق الريفية، بل دمرت جميع المناطق الزراعية وأغرقتها، بالإضافة إلى المناطق المائية التي يعتمد عليها المواطنون في البلاد، فضلا عن تشريد وتهجير الآلاف من السكان.

يقول المساعد في وزارة الخارجية الأميركية الذي عمل في الفترة بين عامي 1950 و1951 دين رسك: بين خط العرض 38 الذي يفصل الكوريتين مع الحدود الشمالية من الصين، كنا نقصف بالقنابل كل حجر يواجهنا، وأي شي يتحرك أمامنا، بحيث كنا نتفوق على الكوريين من ناحية الغطاء الجوي. لافتا إلى أن الأجواء المناخية والفترات الليلية كانت الأنسب للمواطنين للتمركز والتزود بالحاجيات لمقاومة القصف الأميركي عليهم.


الاهتمام الشعبي بالحرب


يقول المؤرخون: إن الطيارين الأميركيين لم يواجهوا معارضة شديدة ضد عمليات القصف التي قاموا بها خلال الحرب داخل الولايات المتحدة، حيث إن التدخل الأميركي لم يهيمن على اهتمامات الأميركيين بقدر اهتمامهم بأن أول طائرة حربية أميركية استطاعت اختراق الأجواء المحيطة للصين وكوريا الشمالية، وهو تطور مهم في تلك الفترة باعتبار أنها قريبة من حقبة الحرب العالمية الثانية.

يقول قائد القيادة الجوية الأميركية الجنرال كورتيس ليماي، والذي عمل ما بين عامي 1948 حتى 1957، إنه اقترح على وزارة الدفاع «البنتاغون» إرسال القوات الجوية لقصف أراضي كوريا الشمالية بشكل غير رسمي، إلا أن البنتاغون رفض اقتراحه، مما دفع بالقوات الجوية في آخر المطاف إلى الذهاب إلى الحرب مع كوريا الشمالية، وإحراق كل المدن فيها، سواء فوق الأراضي الكورية الشمالية أو في بعض الأجزاء من الجارة الجنوبية.


   كارثة مفجعة

 بحسب التقارير العسكرية الأميركية، فقد ألقت الطائرات الأميركية نحو 635 ألف طن من المتفجرات على الأراضي الكورية بشكل عام خلال الحرب، وذلك دون إحصاء نحو 32.557 طنا من قنابل النابالم الحارقة، متجاوزة بذلك الكمية التي تم إلقاؤها فوق مياه المحيط الهادئ بشكل عام خلال الحرب العالمية الثانية، والمقدرة بنحو 503 آلاف طن من القنابل، وهي ما تعني كارثة عسكرية وإنسانية وبيئية بحق تلك الأراضي.

ووصف بعض المؤرخين الأميركيين الذين زاروا الأراضي الكورية في تلك الفترة، بأن الحالة التي وصلت إليها الحرب بالكارثة المفجعة، حيث انتشرت الأمراض والأوبئة بين المواطنين، وازدادت معدلات الجوع، وذلك بسبب الغارات الأميركية، مشيرين إلى أن الحرب الكورية تعد الأكثر مأساة من ضحايا الحربين العالمية الثانية وفيتنام مجتمعة.


توترات متلاحقة


 دخلت العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في توترات متلاحقة من المناكفات والتصريحات العدائية خلال الأسابيع الماضية، وذلك عبر تهديد بيونغ يانغ بإمكانية ضرب أراضي الولايات المتحدة بصواريخ نووية، قبل أن يرجئ زعيمها هذه الضربات.

وأكملت كوريا الشمالية تجربتها الثانية الناجحة في يوليو الماضي، كذلك تجربة التجربة الهيدروجينية قبل أيام، فيما ردت الولايات المتحدة على هذه التجارب بتهديد بيونج يانج بالغضب والنار، فضلا عن تصعيد أميركا وكوريا الجنوبية الأخير بالإعلان عن نشر مزيد من الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ في تلويح بالحرب ضد بيونج يانج.

وتعتقد القيادة العسكرية الأميركية، أن واشنطن مستعدة لضرب أراضي كوريا الشمالية في حال تطلب الأمر ذلك، فيما يرى مسؤولون أميركيون آخرون أن واشنطن لا يجب عليها ضرب صواريخ كوريا الشمالية النووية فحسب، وإنما ضرب الأراضي الكورية نفسها، وهي تصريحات قد تنذر باندلاع حرب عالمية ثالثة، باعتبار قوة الأسلحة التي سيتم استخدامها، وتدخل القوى الإقليمية والدولية الأخرى لصالح القوتين النوويتين، واتعاظ بيونغ يانغ بالخسائر التي لحقت بها خلال الحرب الكورية.


التسليح الكوري الشمالي


ترسانة الصواريخ

 13 نوعا مختلفا

 صواريخ باليستية روسية بأنواع مختلفة

 صواريخ محلية الصنع حاملة لرؤوس نووية

 قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى

 صواريخ كيماوية وعنقودية

 


أسلحة أخرى

 دبابات متطورة

 أنظمة صاروخية صينية

 صواريخ للغواصات

 طائرات ومروحيات

 قطع بحرية وغواصات


الجيش النظامي


 مليون عنصر

 2 مليون عنصر احتياط

 3.5 ملايين متطوع

 يستحوذ على 40% من ميزانية الدولة

 3.5 مليارات دولار نفقات عسكرية سنوية

 قوات خاصة تناهز 88 ألف عنصر

 أكثر جيش يجري تجارب صاروخية