كل عام وأنتم بخير، وكم كان بودي أن تكون طباعة هذا المقال باللون الأخضر لأن الوطن يزداد اخضرارا في قلوبنا!

هي مجرد أمنية لوطن هو مجال لتحقق كل ما نتمنى. ففي وطن نحلم ونرسم أحلامنا، فتقفز من الورق لتصبح واقعنا وتصاغ ملامح هذا الواقع كما تصاغ القصائد الجميلة مطربة، وتكتب كما تكتب حكايات ألف وطن لوطن.

تبدأ الحكاية ولا تنتهي بصباحات جميلة التي يدهشنا دفؤها في شتاء الزمان، ونـحظى ببرد عشق أمكنتها ولو زادت حرارة طقسها. رجاله ثقات في مكان يرتدون ثياب الفخر جنودا يحمون الحدود، أو يخدمون حجاج بيت الله الحرام.

العطاء رمزية للمنتمين للوطن لا تقبل التنازل!

هو الوطن يأخذنا تاريخه لرجل شامخ عاد كما يعود رجل العقيلات كل مرة محملا بالخير والعطاء، عاد عبدالعزيز ليجعله وطنا، طالما حدثني أبي عن قوته وهيبته التي رآها فيه حاكما، ورواها له رجال الملك عبدالعزيز، الذين أدركهم وسمع منهم. سيف الموحد وقوته والأرض التي طويت له رغما عمن أراد عجمتها، «لم يمر بنا استعمار يا ابنتي ولم نسع للتحرير بقينا أحرارا دائما!» أتذكر هذه العبارة دائما كلما رأيت بلدا يحتفل بنضاله للحصول على استقلاله ونحن نحتفي بوحدتنا.

لم نكن مستعمرين، فلماذا انصرف الأعداء وتهاوت العزائم أمام جبروت هذا الوطن؟ الجواب أن هذه الأرض لا تشي بأسرارها إلا لمحب، وهذا ما جعل لنا التوحيد عيدا يعود بأحسن حال.

الوطن رسالة جنود على الحدود لا يسألوننا إلا الدعاء لهم ويطلبون منا أن ننام قريري الأعين! أي وطن هذا لا يطلب فيه باذل نفسه لأخيه إلا دعوة يقابلها آلاف الدعوات التي تصعد كل لحظة للسماء بالرحمة والتثبيت، اللهم ثبت أقدامهم.

وطن برجال مدهشين وبنساء رائعات التحم اسم المرأة باسم الرجل من عهد أخو نورة التي اعتز بها الموحد، اليوم نورة بنت عبدالرحمن غدت اسما لجامعة للبنات. الوطن يبنى بعطاء امرأة كما هو يعلو بجهود رجل.

الجار قبل الدار كان هذا شعارا للوطن وما زال، لذلك استضاف الملايين منهم من فقد أرضه أو ارتاع فوجد عندنا أمنه، أو انتزعت هويته من بلده، فوجدنا فينا بلدا له. ملامح شيخ القبيلة العربية ودموع السيدة العربية التي لا تعرف وطنا إلا المملكة، وتقسم أنها على استعداد للدفاع بروحها وأبنائها لأجله.

ما قولكم بوطن هو للمسلمين قبلة، يعلن المحبون له ولاءهم واستماتتهم للدفاع عنه؟

منبع الإسلام وحامل لواء السلام وفارس الحروب إن أججها الأعداء ولم يجد عنها بدا، وكاشف لزيف وتدليس أعدائنا، فمواقفنا من أعدائنا معلنة. وطن للوفاء، ووطن شاب بعطاء شبابه.

ستجد الصدق في نقد الأخطاء والسعي لإصلاحها، كما تجده في حرب الأعداء، الناقد المحب لا يخشى بأسا، والعدو المتظاهر بالولاء لا يأمن على نفسه لأنه من غدره بها!

في وطني نتعلم كل يوم درسا في مواجهة الشدائد، وأشدها ذوو القربى! وفي وطني نمد حبال الخير لمكلوم أو مهموم أو مظلوم، فنعطي ونبذل بذل الكريم من نفسه.

لوطني كل هذا الحب وأكثر، صافحته أكف زعماء العالم الذين عرفوا حقه ووفدوا إليه. لوطني ثقله السياسي في المنطقة وفي العالم، كلمته واحدة، فلا يقول نعم وهو يعني لا أبدا.

يعلمنا الوطن حبه أكثر، كما يعلمنا الاعتزاز به، ويكتبنا قصيدة فننسجم مع الإيقاع!

بوصلة للحب أنت، وأرض للسلام أنت، وقبلة الإسلام أنت، ومهد العروبة أنت، فعليك السلام، ولك في يومك الأخضر دائما، فحين يحل كل مساء ننام ونحن نعلم أن للبيت ربا يحميه.