في ليلة 26 سبتمبر 1983 وفي فترة من توتر الحرب الباردة وبعد أسابيع قليلة من إسقاط الاتحاد السوفيتي طائرة ركاب كانت تُحلق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، تلقى المُقدم ستانيسلاف بيتروف، الضابط في قاعدة الإنذار المُبكر جنوب موسكو، إشارة بهجوم صاروخي أميركي تجاه الاتحاد السوفيتي. لكنه قدر أن الولايات المتحدة إذا هاجمت بلاده فلن ترشقها ببضعة صواريخ، بل ستمطرها بمئات منها، ولذا خلص إلى أن هذا الإنذار سببه خطأ تقني، على ذلك، أخذ على عاتقه مسؤولية أن يبلغ رؤساءه بوجود إنذار خاطئ لا بوجود هجوم وشيك.

ما حدث بعد ذلك يُقدم دروسا لهذا اليوم، وجدير بالذكر أن التقارير تفيد بأن بيتروف (77 عاما) توفي في 19 مايو، وهو كان يعيش بمفرده خارج موسكو.

ولقد تبيَّن للخبراء السوفيت أن الإنذار كان نتيجة لبيانات تم تمريرها من قاعدة سواتل للإنذار المبكر السوفيتية بسبب خطأ في تحليل النظام لانعكاس أشعة الشمس على الغيوم. وكان بيتروف يعرف أن بيانات الأقمار الصناعية يجب أن يتم التحقق منها بدقة. قد تكون هناك أخطاء عند الغسق، عندما تمُر حقول الصواريخ التي تتم مراقبتها من يوم إلى آخر، وهي منطقة غامضة وضبابية.

 كان ذلك أمرا غير عادي وأكثر خطورة، لكن بتروف قال لرؤسائه مرة أخرى إنه إنذار كاذب. وبذلك، منع بتروف سلسلة من ردود الفعل من جانب مسؤولين رفيعي المستوى كانت من الممكن أن تؤدي إلى كارثة.

 ولعل القرار الذي اتخذه هذا الضابط جنَّب العالم حربا بين القوتين العظميين كان يمكن أن تشعل نزاعا نوويا يدمِّر العالم، علما بأن التوتر بين واشنطن وموسكو كان في ذروته آنذاك.

أما توترات اليوم بين واشنطن وموسكو، فمهما كانت مشددة، لا تتطلب هذا المستوى من ذلك التأهب. ومن شأن اتخاذ تدابير متواضعة وقابلة للتحقق قد يؤدي إلى تقليل أوقات إنذار بعض صواريخ الأسلحة البرية والبحرية، وينبغي أن يتم ذلك التحقق بصورة مشتركة وليس من جانب واحد، لتجنب الحوادث أو سوء التقدير، علما بأن إنذارات كاذبة حدثت في كثير من الأحيان على الجانبين خلال الحرب الباردة. ولذلك هناك احتمال حدوث أخطاء في أماكن أخرى، كما هو الحال في التوترات مع كوريا الشمالية، وبين الهند وباكستان المسلَّحين نوويا.

وعلى الرغم من جميع الاحتياطات، فإنه إذا كان من الضروري اتخاذ قرار بإطلاق صواريخ مسلحة نوويا، فيجب ألا يكون وسط حالة من عدم اليقين والخوف والفوضى والضعف التقني.

لقد فعل بيتروف الشيء الصحيح. والآن ينبغي للعالم، بقيادة الولايات المتحدة وروسيا، أن يجدا وسيلة للابتعاد عن خطر دمار العالم.


 صحيفة (ذا ديلي بروجريس) – الأميركية