استعاد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، محطات رئيسة في المحافظة على المناطق الجبلية وإيقاف تشويهها بالمباني العمرانية، مؤكدا أن المواطن هو الخاسر الأول من تدمير النسيج العمراني وتشوه البيئة الطبيعية في المناطق الجبلية.
وقال في كلمته بـ«ملتقى العمران السياحي في المناطق الجبلية» الذي افتتحه أمس أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بمسرح أمانة منطقة عسير في أبها، بحضور نائب أمير المنطقة الأمير منصور بن مقرن، «في الزيارة الأولى مع وفد طلبة من معهد العاصمة النموذجي لأبها بدعوة من الأمير خالد الفيصل عام 1393، ذهبنا في رحلات للأودية والمطلات والقرى التراثية في الجبال والأودية، ولذا فإن ذاكرتي مفعمة ومتشبعة بعسير التي يسمع عنها الناس ويتخيلونها، وبالتالي فإن أي موضوع يتعلق بعسير والتعدي على بيئتها بحجة التوسع العمراني لم يعد مقبولا أمام المواطن الذي يعتبر عسير هي وطنه مثلها مثل جبال الطائف والباحة وتبوك وجميع جبال ومناطق المملكة هي ملك له، وستكون جريمة في حق أبنائنا عندما يكبرون ويسمعون عن جمال الجبال في مناطق بلادهم، إلا أن هذه الجبال تكون قد تغطت بالعمران وامتهنت بيئتها الطبيعية وهذا لن يحدث بإذن الله».
دعم مشاريع السياحة والتراث
المحطة الثانية كانت في عام 1408 عندما تحدثت مع الشيخ إبراهيم العنقري وزير الشؤون البلدية آنذاك، وتحدثت عن العمارة في المناطق الجبلية والتشويه العمراني بشكل عام والمدارس العمرانية التي اختلطت مع العمارة التراثية السعودية وهي عمارة عالمية بتنوعها، فقلت له: إننا أصبحنا نحتقر هذه العمارة ونلجأ إلى مدارس مشوهة، فقال لي بأن هناك ملتقى للعمارة في عسير وطلب مني أن أقدم ورقة في الملتقى عن الموضوع، وقدمت الورقة بالفعل ولمست وقتها عدم حماس رؤساء البلديات والمسؤولين لهذا الموضوع لذلك الرحلة لم تكن قصيرة، بل كانت طويلة ومرهقة في الإقناع، ولكننا الآن أصبحنا متفائلين وفخورين بما نراه اليوم من اهتمام ووعي وما هذا الملتقى إلا أحد الجهود المهمة في هذا المجال. ونوه الأمير سلطان بالدعم الكبير من أمير المنطقة لمشاريع السياحة والتراث بشكل عام ومنها مشاريع معالجة التشوه البصري في المناطق الجبلية. وأكد أن الهيئة عملت مع شركائها وأهمهم إمارة المنطقة والبلديات لمواجهة التوسع العمراني على حساب اقتصاد السياحة وبيئة المناطق الجبلية، مشيدا بجهود أمين منطقة عسير في هذا المجال.
تشوه بصري
نوه الأمير سلطان بأهمية العمل المشترك من مواطنين وأجهزة حكومية ومطورين لمواجهة التدمير الذي يتواصل في المناطق الجبلية، مشيرا إلى أن ذلك التدمير سيكون خسارة فادحة للمواطنين في مواقعهم قبل الدولة وخسارة اقتصادية للسياحة الوطنية كونها أحد أهم المكونات الاقتصادية لمستقبل اقتصادنا وفرص العمل الناتجة عنه. ولفت إلى أنه لا مجال للفصل بين عمران المكان والاقتصاد أو السياحة المحترمة، والسائح المتكرر هو أهم عنصر في الاقتصاد السياحي، ورفع مستوى النوعية الاقتصادية للسياح لا يحدث إلا أن تكون تجربتهم الأولى ناجحة وممتعة وفيها ارتباط بالمكان وطبيعته غير المشوهة وأهله وتراثه.
وأضاف «كل ما سافرت عبر المناطق الجبلية لبلادنا، كلما استشعرت تسارع انحسار البيئة الطبيعية وتزايد التشويه البصري». وتابع في كلمته «لحظة تاريخية أقفها اليوم وأنا أرى قيادة الأمير فيصل بن خالد ومن قبله الأمير خالد الفيصل والأمانة والبلديات يجتمعون ويعملون لإحداث النقلة المؤملة في المحافظة على مناطقنا الجبلية، وألا يستمر انحسارها مقابل التوسع العمراني والتشويه البصري».