مضى يوم المعلم 2017 دون أن يشعر به أحد، حتى المعلمين أنفسهم. فهل يليق ذلك بمجتمع متعلم مستنير مثلنا؟ لا أظن الجحود والتجاهل جزاء عادلا لمعلمينا الذين نقلونا من الجهل إلى العلم، وصنعوا بلمساتهم معالم عالمنا الجديد، بعد أن دخل التعليم كل هجرة وبادية، وبعد أن غدا للمعلمين أكف بيضاء على كل بيت من بيوتنا.

في مثل هذا اليوم يليق بالمعلمين أن تعد لهم برامج احتفائية خاصة، مثل تلك التي يعدونها مع طلابهم للاحتفاء بالمناسبات الوطنية والرسمية. ولأن إدارات النشاط هي الجهة المسؤولة عن مثل تلك الفعاليات فإنها مطالبة تربويا وثقافيا بوضع الخطط وابتكار البرامج سنويا بما يتناسب مع أهمية المناسبة وأهدافها التربوية، ولا بأس من إشراك الطلاب وأولياء الأمور في التخطيط والتنفيذ، حتى يشعر المجتمع بواجبه تجاه من زرعوا بذور العلم ليقطف مجتمعهم تلك الثمار الجنية اليانعة.

إن ما تقوم به بعض المدارس من جهود فردية للاحتفاء بالمناسبة، ليس كافيا أبدا، مثلما أن التعميم على المدارس بـ(تفعيل المناسبة)؛ هكذا نصا، ليس لائقا بتكريم المعلم والاحتفاء به، فما دام المعلم هو المعنيّ بالتكريم، فمن المنطقي ألا يكون طرفا في التحضير والإعداد.

ويمكن في هذه المناسبة أن ترصد وزارة التعليم الجوائز للطلاب عن مسابقات خطابية أو أدبية يتم التحضير لها مسبقا لتكريم معلميهم في كل مدرسة، ويمكن أيضا أن تجعل الوزارة من هذا اليوم مناسبة لتكريم المعلمين المتميزين في كافة إدارات التعليم.

في مثل هذا اليوم، يمكن تدشين أول مشروع للتحرير المدرسي، من خلال مجلة تحمل عنوان (مدرستي)، تكون أسرة تحريرها من المعلمين في كل مدرسة، ويكون إصدار أعدادها من اختصاص إدارة النشاط في كل منطقة تعليمية. ويمكن أيضا في هذا اليوم البدء بإنشاء صندوق دعم المعلمين، ووضع آليات عمله، بحيث يقدم الدعم للمعلمين المتعثرين في سداد الالتزامات البنكية والحكومية، أو المتقاعدين من المعلمين.

مؤسسات المجتمع المدني أيضا يمكن أن تسهم في الاحتفال بالمناسبة، من خلال تقديم العروض وإقامة المهرجانات والتخفيضات للمعلمين والمعلمات في هذا اليوم، وكذلك الحال في الفنادق والمنتجعات والمستشفيات والمراكز الطبية. كل تلك المؤسسات يمكن أن تتعاون في الاحتفال بالمعلم.

المؤسسات الثقافية أيضا عليها أن تسهم في الاحتفال بالمعلمين، من خلال أنشطة خاصة تقدم على منابر الأندية الأدبية في اليوم العالمي للمعلم، تؤكد للجميع، خاصة الطلاب أن معلميهم محل اهتمام المؤسسة الثقافية، شأنهم شأن الشعراء، والتشكيليين في يومهم العالمي.

أخيرا لا بد أن نؤكد للمعلمين أن اليوم العالمي للمعلم مناسبة جديرة بعنايتنا جميعا، وأن نعودهم على الاحتفاء بجهودهم، مثلما عودونا هم على الاحتفال مع أبنائنا الطلاب باليوم الوطني، وبيوم الشجرة، ويوم المرور، وبالمهرجان الوطني للتراث والثقافة، وبغير ذلك من المناسبات، وأن هذا اليوم ليس بالأقل أهمية، وحتى نتحقق من أننا نقوم دائما بما تتطلبه مسؤولياتنا التربوية، علينا أن نتساءل، وقد مضى يوم المعلم بلا معالم، ماذا قدمنا هذا العام؟ وماذا بوسعنا أن نقدم في العام المقبل؟