يراقب العالم اليوم باهتمام كبير الانتخابات الألمانية التي تخوضها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مرشحة الحزبين المحافظين للانتخابات التشريعية، وهما الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه ميركل والاتحاد المسيحي الاجتماعي في إقليم بافاريا الذي يرأسه هورست سيهوفر رئيس وزراء الإقليم، وذلك في مواجهة الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى جانب عدد من الأحزاب الأخرى.

وقالت تقارير إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وخصمها الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز، بذلا جهودا مضنية لتعبئة أنصارهما والفوز بتأييد المترددين في نهاية حملة انتخابية تشهد توترا مع صعود اليمين المتطرف، فيما أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «زد دي إف»، فوز الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحليفه البافاري بـ36% من نوايا الأصوات، ما يقرب المحافظين من ثاني أسوأ نتيجة انتخابية في تاريخهم منذ عام 1998.


إثارة المخاوف

ونسب استطلاع الرأي للاشتراكيين الديمقراطيين 21.5% فقط من نوايا الأصوات في حصيلة غير مسبوقة في تاريخ أقدم أحزاب ألمانيا، فيما حقق حزب البديل لألمانيا اليميني الشعبوي أكبر تقدم في نهاية الحملة بحصوله على 11% من نوايا الأصوات، فيما تتوقع له استطلاعات أخرى للرأي نسبة أعلى.

ورغم أن المحافظين ما زالوا متقدمين بفارق كبير على الاشتراكيين الديمقراطيين، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة من شأنها أن تثير مخاوفهم، وقالت صحيفة «دير شبيجل» إن كل يوم جديد من الحملة الانتخابية هو يوم جيد لشعبويي اليمين المتطرف.


حملة باهتة

لم يبد المحافظون يوما أي شكوك في فوز زعيمتهم، وهذا السلوك أدى بحسب الصحيفة إلى حملة أجمع الرأي العام والإعلام على أنها باهتة، بل أكثر من ذلك، أثار استياء مؤيدي البديل لألمانيا والألمان الذين خيب أداء الحكومة آمالهم، فرأوا فيه دليلا جديدا على غطرسة السلطة في آخر سنوات ميركل.

وفي استمرارية لأسلوبها المتبع حتى الآن، لم تقدم ميركل التي تقود البلاد منذ 12 عاما أي اقتراح ملموس فعليا، مكتفية ببث رسالة مطمئنة عن ألمانيا بطيب العيش فيها، بمأمن من المخاطر الخارجية المتمثلة في رئاسة دونالد ترمب أو بريكست مثلا.

أما خصمها، ففشل في إقناع الناخبين حين ندد بالفروقات الاجتماعية في بلد يسجل نموا قويا ونسبة بطالة في أدنى مستوياتها منذ إعادة توحيد البلاد.


الخيارات البديلة

يأتي ذلك فيما تسببت التوقعات بوصول اليمين القومي إلى مجلس النواب ليكون أول حزب من هذا النوع يتمثل في البرلمان منذ 1945، بقيام جدل أخير قبل الانتخابات. وندد وزير الخارجية الاشتراكي الديمقراطي سيغمار جابريال بـتخاذل المحافظين أمام الشعبوية اليمينية، بينما علقت المستشارة ميركل بأن الوسيلة الوحيدة لقطع الطريق على البديل لألمانيا تكمن في التصويت لأحزاب تشعر بالتزام تام بقانوننا الأساسي. واستبعدت ميركل تقاسم السلطة مع المتطرفين، سواء البديل لألمانيا أو اليسار الراديكالي حيث يتنافسان على المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب اليميني المتطرف من أجل ألمانيا يمكنه الفوز بما يصل إلى 60 مقعدا - أي بحوالي عُشر إجمالي المقاعد - حيث تعد الهجرة أكبر قضية في الانتخابات. وتعهد الحزب بمواصلة مواجهته ميركل بقرارها الاعتراف بأكثر من مليون طالب لجوء إلى البلاد.

وترى صحيفة «دي فيلت»، أنه لا يمكن أن تتمخض عن انتخابات 2017 سوى نوعين من الائتلافات: إما ائتلاف كبير من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أو ما يُسمى بتحالف «العَلَم الجامايكي» المكوَّن من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والحزب الليبرالي. وستفتقد جميع الائتلافات الأخرى الأغلبية.