مفاجأة كبيرة ومدويّة، ضربتها منصّة برنامج التواصل الاجتماعي الحديثة سناب شات، عندما أعلنت هكذا وبكل بساطة وثقة تُحسد عليها، أن عدد مستخدميها 150 مليون مستخدم يومياً في كل بقاع الدنيا.

المفاجأة كلها تكمن في أن هذا الكائن الأصفر اللطيف، اكتسح المجال البصري اليومي لملايين المستخدمين، وهو لم يكمل عامه الرابع بعد، منذ أن زفّ إيفان شبيغل وروبرت مورفي هذا البرنامج العجيب إلى ذاكرة الشعوب اليومية، في الوقت الذي لازال فيه الطائر الأزرق تويتر يرزح عند عدد الـ140 مليون مشاهد يومياً، بالرغم من أنه سبق «سناب شات» ظهوراً، بسنوات.

المفاجأة الأكبر تقول إن إيفان شبيغل الرئيس التنفيذي لتطبيق سناب شات في نوفمبر 2013 كان قد رفض العرض المقدم للاستحواذ على تطبيقه من شركة غوغل بقيمة 4 مليارات دولار أميركي، بعدما تلقى عرضًا من قبل فيسبوك بقيمة 3 مليارات دولار، الأمر الذي يجعلنا نفكّر بعمق في ماهيّة هذا الكائن الصغير الذي قلب العالم.

أهم ميزة في برنامج السناب شات كما أرى، أنه يكتب ويمحو في ذات اللحظة، فهو ذاكرة بصرية مؤقتة، يتم فيها بث الفيديو الصغير والصور، وتسجيل اللحظة فيما يشبه النوتة البصرية اليومية لحياة الناس، ولكن لفترة 24 ساعة فقط، وهذه الميزة أعطت شيئاً من خصوصية التشارك التي يفضلها الناس فيما يتداولونه بينهم بشكل يومي.

هذا البرنامج الذي يدوّن اللحظات، هو محفّز للإبداع البصري واقتناص اللحظات اليومية بشكل إبداعي، لكنه يعاني في بلداننا العربية بالذات من فقر في قيمة المحتوى المُصوّر، فكثيرون لا يتعاملون معه أكثر من كونه برنامجا يصور رقصة أو طبخة أو لحظة استهبال عابرة.

سناب شات مثله مثل كل وسائل وبرمجيات التواصل الاجتماعي الحديثة، من الممكن جداً توظيفه في توجيه العقل الجمعي وتثقيفه وتوعيته، ولكن متى ما وجد عقولا مُنتجة ومبدعة، لا عقولا مُستهلكة لأي شيء، وعقولا مُستهلكة لكل شيء.

من الممكن جداً بما أن «سناب شات» صار بيئة جاذبة لمشاهير المجتمع، أن يكون لأولئك المشاهير دور في تنمية الوعي الجمعي، غير أنني وبمسح بصري بسيط على مجموعة من حسابات أولئك المشاهير، وبالذات مشاهير الخليج، لم أخرج سوى بلقطات وفيديوهات أغلبها في إطار العادي جداً، إن لم أقل بكثير من الاحترام: التافه جداً.