شكلت استعادة القوات العراقية لقضاء الحويجة بمحافظة كركوك، انتصاراً استراتيجياً باعتبار أن المدينة تعد المعقل الأخير لتنظيم داعش في شمال العراق، إلا أن الانتصار بات يرافقه الكثير من القلق السياسي، خاصة بعد أن أصبح الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية وجهاً لوجه، حيث تسيطر حكومة بغداد على المدينة ويسيطر الأكراد على قرابة ثلثي محافظة كركوك الغنية بالنفط.




مبادرة العبادي

بحسب مراقبين، فإن المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء العراقي حول تقاسم السلطة في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، محاولة لتفادي وقوع أي تداعيات بين القوات العراقية والكردية بسبب أزمة استفتاء استقلال إقليم كردستان. وبحسب معلومات مطلعة، فإن مبادرة العبادي تتضمن تقاسم السلطة في كركوك، وهي أهم وأكبر المناطق المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وحكومة كردستان برئاسة مسعود بارازاني، فيما سينتج عن ذلك وجود 3 تدابير رئيسية، وهي إخلاء محافظة كركوك بالكامل من القوات العراقية والكردية، وتسليم إدارة الحكومة المحلية بالكامل لسلطة بغداد، وإدارة الملف الأمني من قبل قوات الشرطة المحلية.


مؤامرات الحشد الشعبي

عكست عملية إعلان قوات الحشد الشعبي المدعومة عسكرياً من إيران، استعاداتها مدينة الحويجة، أكثر من سيناريو مقلق حول مستقبل محافظة كركوك في ظل تمركز هذه القوات على بعد بضعة كيلو مترات من القوات الكردية التي كانت أصلاً موجودة في هذه المحافظة. وصرح مصدر مهم في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه بارازاني لـ«الوطن»، أن إقحام الحشد الشعبي في استعادة الحويجة هو رسالة تهديد مبطنة من أطراف داخل الحكومة في بغداد موجهة إلى الأكراد، وأن إيران ليست بعيدة عن هذه الرسالة، لأن الجميع يعلم بأن الحشد يتسلح بالكامل من الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف المصدر أن وجود الحشد في الحويجة هو قنبلة موقوتة تنذر باندلاع حرب أهلية، خاصةً إذا لم تجد أزمة استفتاء استقلال كردستان بين بغداد وأربيل طريقها إلى الحل.




تقارب هش

تشير تقارير سياسية إلى أن القيادات السياسية الكردية في أربيل أصبحت لديها قناعة بأن التقارب التركي الإيراني في الوقت الراهن على خلفية أزمة كردستان لن يستمر طويلاً. ورأى قيادي بارز في حزب بارازاني، أن طهران تحاول دعم الحزب الكردي الجديد المسمى «التحالف من أجل الديموقراطية والعدالة» برئاسة برهم صالح وتقديمه كمنافس في انتخابات رئاسة إقليم كردستان في الأول من نوفبر المقبل. وأوضحت المصادر أن القيادي صالح تربطه صلات قوية بالمالكي، ويحاول استثمار موجة العقوبات التي اتخذتها بغداد وتركيا وإيران ضد سكان هذه المحافظات لتأليب الشعب الكردي على بارازاني. واتهم القيادي الكردي، تركيا وإيران بأنهما دولتان تتحالفان وتتقاربان إذا تعلق الموضوع بالتدخل في العالم العربي وإقليم كردستان العراق، وكلاهما يسعى للسيطرة السياسية على مناطق عربية وكردية وفيهما نظامان لهما أطماع في المنطقة.




مراقبة دولية

قال القيادي في فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني بكركوك شوان جمال «إن مغامرة استخدام السلاح ستكون خاسرة وقوات البيشمركة لن تنسحب من المناطق الخاضعة لسيطرتها، موضحا أن قوات التحالف تراقب الأحداث، ولن تسمح بأي اعتداء تشنه المليشيات على الأكراد.




الموقف التركي

في غضون ذلك، تؤكد مصادر سياسية كردية أن أنقرة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء اجتياح الحشد الشعبي لكركوك، حتى وإن كان هذا الأمر يجهض استفتاء استقلال أكراد شمال العراق الذي يعارضه الأتراك بشدة.

وأوضحت المصادر أن أنقرة تخشى من دخول الحشد إلى كركوك في إضعاف نفوذها داخل المحافظة النفطية، مشيرةً إلى أن كل ما يقال عن تقارب تركي إيراني بسبب أزمة استقلال كردستان مبالغ به وله حدود، وأن لحظة دخول الحشد إلى المدينة سيعيد التقارب الإيراني التركي إلى مربع الصفر.

وأضافت المصادر «إن من بين سيناريوهات الحشد للسيطرة على كامل كركوك، هو ضم آلاف المقاتلين الأكراد من الشيعة إلى الحشد، وتكليفهم بمهاجهة كركوك».