تتنوع أوجه العمل الخيري في جميع مجتمعات العالم، وتنشط بشكل خاص من الرياضيين وأهل الفن ومشاهير السوشيال ميديا، لتقديم خدمات مجتمعية تزرع البسمة على شفاه مستحقيها، محلياً ارتبط العمل الخيري لسنوات بقنوات معينة تعود عليها الناس بالبذل والعطاء من خلالها كالجمعيات الخيرية والتبرعات العينية وبناء المساجد وغيرها، لاحظنا تقبل المجتمع بصورة جميلة تبرع الأندية الرياضية بدخل المباريات للجمعيات الخيرية والمحتاجين، ولم يكن هناك أي اعتراض أو جدل، ولكن مؤخرا ظهر الجدل الكبير حول حفل المطربة شيرين الذي أُلْغيَ لاحقاً لأسباب متضاربة وغير واضحة، وكان وراء الفشل الذريع ووأد الحفلة في مهدها سببان رئيسيان لا ثالث لهما وهما: 1-المبالغة والاستغلال الواضح للنهم الشعبي للترفيه، وذلك بوضع أسعار فلكية للتذاكر. 2-ربط الحفل الغنائي بعمل خيري، وهو ما لا تستسيغه الذائقة المجتمعية التي لم تتعود على ذلك.

 تخيلت لوهلة أن الأسعار تشمل رحلة لاستكشاف صحراء الدهناء المشهورة بطبيعتها الساحرة والاستمتاع بصيد الغزلان والطيور النادرة، وليلة مجانية لممارسة الغوص في محيط الربع الخالي وصيد الحيتان الاستوائية، ويتخلل البرنامج وجبات شهية من لحم الغزال والنعام المشوي الممزوجة بتوت العليق البري..، ولا يهمني خوض جدل طويل عن شرعية التبرع بريع حفلات (الهز) للجمعيات الخيرية، ولكن ما يهمني أكثر هو حق المجتمع في الحصول على أنشطة ترفيهية دون (قصم) ظهر المواطنين بتكاليف قد تمكنهم من زيارة كوكب (الزهرة) مع التوقف للاستجمام بعطارد وزحل والمريخ.

 إذا استمرت أنشطة الترفيه بهذه الأسعار الخرافية فهذا لن يصلح من الأمر شيئا، وستظل دبي والقاهرة وبيروت على رأس أولويات السائح السعودي للسفريات (قصيرة) الأجل، وعلى هيئة الترفيه التركيز على الطبقة المتوسطة وما دونها لأنهم من يحتاجون هذه الفعاليات وليس الطبقة (المخملية)، الذين يمسون في باريس ويصبحون في نيويورك، ويستفزون من حولهم بـ(سماجاتهم) بمواقع التواصل الإلكتروني.

 بانتظار القادم والأجمل من أنشطة ترفيهية وانفتاح مجتمعي بالمملكة العربية السعودية، ولكن لا أعتقد أني أريد أن أرى حفلة (سامري) أو (خبيتي) بأسعار فلكية ويكون العذر أنها من أجل (إفطار) صائم.