في ثورة المعلوماتية الحالية بات الإعلام بشقيه الكلاسيكي والافتراضي هو المسير الفعلي للمجتمعات، من خلال

ما يتلقاه العقل الباطن من فيض تلك الرسائل الإشهارية اليومية عبر منصاته المختلفة، أضف لذلك واقعنا العربي الذي تلعب فيه العاطفة، خاصة الدينية، الدور الأهم في تشكيل الرؤية لقضية ما، تلك الفجوتان الخطيرتان اللتان وجد فيهما الجار الصغير ساحة للتصيد خلال العقدين الماضيين مستغلا حلم الشقيق الأكبر الذي دوما ما يغلب جانب حسن الظن، ومستخدما في خنجر الطعن كل الأساليب المتوفرة لدغدغة مشاعر الشعوب تحت ستار العمائم واللحى في المقام الأول، ثم مشاهير السوشل ميديا وصناعة بعضهم للغرض ذاته، الذي يتمثل في صناعة فكر جديد يتمثل في الإسلام الحركي كغطاء عاطفي عام يسعى من خلاله لتدمير كل الشعوب العربية، وبشكل خاص في الجزيرة العربية، استطاع الجار الصغير على مدى عقود من الزمن أن يستقطب الكثير من الدعاة تارة بالمال وتارة بالترغيب في المشروع الكبير الذي خيل إليه أنه يستطيع تحقيقه، وذلك لقوة تأثيرهم في الأتباع وسهولة تغليف الأفكار تحت ستار الدين، ثم أنشأت إمبراطوريات إعلامية بكل الإمكانات العالية لتكوين قاعدة جماهيرية تضرب على وتر الحرية المزعومة، لاستقطاب عاطفة الشعوب وتسهيل ضرب الشعوب بعضها ببعض تحت شعارات رنانة تستجلب ضعاف العقول.

كان الزمن كفيلا بقوة تأثير تلك الوسائل في الشعوب، خاصة مع الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تخنق العالم أجمع، فتجده وسائل إعلام الصغيرة وأبواقها المأجورة التي تسميها معارضة فرصة لبث سمومها في الشعوب تارة بتقارير الفقر المختلقة، وتارة بالمقارنة مع الدويلة الصغرى ومدى رفاهية شعبه القليل، ثم بزرع فكر التضجر والانتقاد وتغييب محاسن الحكومات، طبعا جلّ الكلام هنا عن الجانب الإعلامي دون الخوض في خيانات الصغيرة الأخرى التي قوضت كل المواثيق والمعاهدات، ومع الأسف نجحت الصغيرة في جني ثمار عملها الإجرامي من دماء الأبرياء في كل من ليبيا ومصر فسورية مرورا بتونس واليمن فتهللت واستبشرت، لكن حلمها الكبير بتقسيم الجزيرة العربية ما زال هو الأهم بالنسبة لها، فسخرت كل ملياراتها إعلاميا وميليشيا لتحقيق هدفها الأكبر، كان الرهان كبيرا في ظل وجود الثغرة الإعلامية وتكاثر الشماعات التي نشرتها الصغيرة في المجتمع مرة بثوب الدين وأخرى تحت ثياب المصلحين والمثقفين ثم بدعم الأبواق المأجورة المهاجرة التي انسلخت من دينها ووطنيتها، إلى أن فاض الكيل وبات كشف الحساب لزاما أمنيا وطنيا، وانتهى حلم الشقيقة الكبرى فاتخذت الإجراءات اللازمة سياسيا من لدن القائد -رعاه الله- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الذي أحسن الاختيار ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فاختار للملف الإعلامي سعادة المستشار بالديوان الملكي الأستاذ سعود القحطاني الذي أعتبره بحق رجل المرحلة الإعلامية بجدارة واستحقاق، كيف لا والملف الإعلامي من أهم الملفات حساسية ومن أكثر الجبهات اختراقا من الأعداء.

ورغم كل التراكمات الفكرية والاجتماعية التي استطاع الإعلام المعادي غرسها على مدى عقود من الزمن في المجتمع من خلال أدواته المختلفة وبالأقنعة المتباينة، فإن القحطاني بحنكته ودهائه الإعلامي استطاع وفي زمن قياسي لا يمكن أن يضاهيه أحد في ذلك حتى أكبر الإمبراطوريات الإعلامية الغربية -بفضل الله وكرمه- أن يجتث كل ما حاكته يد الغدر وخيانة الجار، وأن يقوض كل ما بنته تلك الإمبراطوريات الإعلامية والمليارات من الدولارات والعشرات من القنوات الموجهة ضدنا، والسيطرة على تلك الخيوط الخفية التي تنشر سموم الفكر في المجتمع، كل ذلك في أقل من مئة يوم فقط وبإدارة عالية ومقتدرة أعاد زمام الأمور الإعلامية إلى نصابها، وبما أن البكاء على قدر الألم فقد كانت ردة فعل ذلك الإعلام المرتزق المندحر أن حاولوا تشويه صورة المستشار بعيدا عن الحقائق الدامغة التي ألجمهم بها، لكن صورة ذلك البطل الوطني ستحفر في ذاكرة الأمجاد وستكون خير رواية للأحفاد في مواجهة الغدر والأحقاد، نعم إنها صولة الحق بيد البطل سعود، مني ومن كل صوت عاقل استشعر هذا الخطر، شكرا بحجم هذا الوطن الشامخ.