اعتدت ألا أعود إلى نقاش فكرة مقال مرتين. حالات نادرة فعلت ذلك. اليوم واحدة منها.

كتبتُ قبل أيام مطالبا بقتل الذئاب التي تعترض طريق الناس، أو توجد حول متنزهاتهم وطرقاتهم البرية المعتادة. وصلت لي عبارات سيئة -لا أقول انتقادات- من بعض أدعياء الحفاظ على البيئة!

أقول أدعياء، لأن البيئة من القضايا التي لا بواكي لها، ابتُليت بالمتسلقين الذين امتطوا ظهرها ليقدموا أنفسهم على أنهم حماتها ورعاتها، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.

الذي لا يمتلك أدب الخلاف، ولا يستطيع الحفاظ على مفرداته، لن يكون جديرا وقادرا على الحفاظ على البيئة!.

بدأ إيماني بقيمة البيئة منذ المرحلة الابتدائية، حينما قمت وعدد من أصدقائي بتأسيس جمعية البيئة في مدرستنا، وزرعنا عددا من الأشجار بقيت بعدنا زمنا طويلا، حتى تم هدم المدرسة.

حينما دخلت مجال التعليم قمت -قبل عشرين سنة- ببادرة غير مسبوقة حسب علمي على مستوى الوزارة، حينما خرجنا كشرائح مختلفة من المجتمع المحلي إلى الصحراء، لتنظيف أحد المتنزهات البرية، وما تزال التجربة موثقة في أرشيف التعليم!.

إنني أدرك -وما زلت- أن الطبيعة من حولنا هي الصيدلية. هي الدواء لكل آلام الإنسان ومتاعبه. خلق الله عز وجل الطبيعة والبيئة البكر لتساعد الإنسان على التحرر من ضغوطات الحياة المدنية بين حين وآخر، وسأظل مدافعا عن البيئة ومجتهدا في حمايتها قدر استطاعتي.

نعم، هناك توازن بيئي يجب المحافظة عليه، لكن هذا التوازن لا ينبغي أن يكون على حساب حياة الإنسان. لا يمكن لك الوقوف أمام جرافات البلدية وهي تقتلع أشجارا ضارة -شجرة البرسوبس مثلا- التي تسبب أمراضا صدرية بحجة جمال هذه الشجرة الأخّاذ!

لا يمكن لك أن تمنع إنسانا من قتل أفعى سامة أو ذئب مفترس يعترض الناس أو يتجول حول متنزهاتهم، بحجة التوازن البيئي!

أضحكني أحدهم وهو يطالب بالمحافظة على الذئاب وتحمّل أذاها لأنها تقتل القرود!

الخلاصة: كلنا شركاء في البيئة، وتحدثت وكتبت كثيرا عن البيئة، وقدمت مشاركات مختلفة في هذا الإطار، وغيري كثيرون بالطبع، وهذا واجبنا جميعا. المهم ألا نزايد على بعضنا بعضا، ولا نبخس حقوق بعضنا. لو كنت فاعلا ذلك لقلت ليت الذين هاجموني بعد مقالي الأخير يقدمون ربع ما قدمته للبيئة!.