أعاد علماء في سياتل بناء محوسبة ثلاثية الأبعاد لخلايا الدماغ البشري الحي، عن طريق دراسة الأنسجة التي عادة ما يتم التخلص منها أثناء الجراحة، وهو ما أسفر عن تأسيس أول قاعدة بيانات متاحة لخلايا الدماغ البشري الحية، لمساعدة العلماء في البحث، وبذلك يمكن للباحثين معرفة كيف يصاب الدماغ بأمراض معينة مثل الزهايمر وحتى الفصام.


دراسة الدماغ البشري

ذكر تقرير نشره الراديو الوطني الأميركي أن «مؤسسة The Allen Institute for Brain Science كشفت عن الخلايا الافتراضية الأربعاء الماضي، بعد أن التقطت ليس شكل وتشريح الخلايا الحية فحسب، وإنما كذلك الإشارات الكهربائية التي تنتجها».

وقال أحد كبار العلماء، ورئيس المؤسسة كريستوف كوخ، إن «العلماء يعتمدون حتى الآن بشكل أساسي على الحيوانات من أجل دراسة السلوك الكهرباء للخلايا الدماغية الحية، ولكن كي نفهم ما الذي يجعلنا كما نحن عليه، علينا دراسة الدماغ البشري»، لذلك فإن الخلايا الافتراضية ينبغي أن تجعل من الأسهل فهم كيف يصاب الدماغ بأمراض معينة مثل الزهايمر وحتى الفصام، وكيفية تأثيرها على سلوك الخلايا.


أنسجة حية

أوضح التقرير أن «إعادة بناء المحوسبة جاء نتيجة للتعاون بين مؤسسة Allen وعلماء وجراحي الأعصاب في منطقة سياتل، وفيها يزيل الجراحون أنسجة الدماغ المتضررة من المرضى المصابين بالأورام أو الصرع الشديد، وللوصول إلى منطقة المشكلة يجب على الجراحين بالعادة إزالة بعض الأنسجة السليمة من الطبقة الخارجية للدماغ أو من القشرة الدماغية، والتي تحتوي على خلايا ذات دور في التفكير والذاكرة والوعي، لذلك رأى كوخ أنه لا بد من وجود طريقة للتعلم من هذه الأجزاء السليمة من الدماغ».

وقال الباحث مساعد في المؤسسة جوناثان تينغ، إن «كل عينة يبلغ حجمها تقريبا حجم مكعب السكر، وبما أن الأنسجة الدماغية تبقى حية حين وصولها إلى المختبر، فبإمكاننا بوضوح أن نراقب خلايا معينة وهي تتواصل مع بعضها البعض عن طريق الإشارات الكهربائية»، مشيرا إلى أن هذه الإشارات وكذلك البيانات حول الهيكل الجسدي لكل خلية تم التقاطها بالصيغة الرقمية، وتمت إضافتها في قاعدة بيانات أنواع الخلايا الخاصة بمؤسسة «Allen»، وهي قاعدة متاحة للجميع.


300 خلية عصبية

أضاف التقرير أن «المؤسسة قامت حتى الآن بالتقاط البيانات الكهربائية من 300 خلية عصبية حية تم أخذها من أدمغة 36 مريضا مختلفا، وهنالك عمليات لإعادة بناء ثلاثية الأبعاد لـ100 خلية، وفي الأخير تخطط المؤسسة لإضافة المعلومات الجينية حول بعض الخلايا».

وقال كوخ إن «قاعدة بيانات أنواع الخلايا تتضمن عددا كبيرا من المعلومات حول أدمغة الفئران، وعن طريق إضافة البيانات البشرية ينبغي على الباحثين أن يكونوا قادرين على التعلم أكثر حول الاختلافات بين أدمغة الفئران وأدمغة البشر».


الاختلافات الأساسية

لفت التقرير أن «علماء مؤسسة Allen يقومون في الوقت الراهن بالتعلم حول الاختلافات الأساسية جدا بين خلايا الفئران وخلايا البشر، والملاحظات المبكرة فقط هي أن خلايا الدماغ البشرية قادرة على العيش لمدة أطول في المعمل».

وقال تينغ إن «خلايا دماغ الفئران عادة ما تكون غير قابلة للاستخدام بعد 10 ساعات، بينما خلايا الدماغ البشرية تعيش لعشرة أضعاف تلك المدة».

وأضاف أن «الحصول على أنسجة الدماغ البشري يتطلب ليس فقط التعاون من الجراحين، وإنما كذلك التعاون من المرضى».

وذكر التقرير أن «هذا الأسبوع تلقت مؤسسة Allen منحة قدرها 100 مليون دولار من المعاهد الوطنية للصحة على مدى 5 سنوات، وسيساعدها ذلك على التوسع في دراساتها وأبحاثها حول أنواع الخلايا في أدمغة الفئران والبشر».