يذكر التاريخ عبارة أم سلمة -رضي الله عنها- التي وردت في أكثر موقف قيادي واجهه صلى الله عليه وسلم صعوبة، عندما رفض الصحابة صلح الحديبية وأرادوا المضي للعمرة، فقالت «اُخرج، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك ...».

إن هذه الاستشارة العظيمة تخفي حولها قائدا عظيما داخل أم سلمة -رضي الله عنها- لكن كل النساء العربيات وغيرهن واجهن كثيرا مما حرمهن من المناصب القيادية، وأهمها التقليل من شأنها.

يذكر البخاري أن عائشة -رضي الله عنها- رفضت ما زعمه أحد الصحابة أن الصلاة يقل أجرها إذا مرّ كلب أسود أو امرأة، فقالت رضي الله عنها: «شبهتمونا بالحُمُر والكلاب، والله لقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة».

على كل حال، أدت بعض المواقف السياسية التي خاضتها السيدة عائشة -رضي الله عنها- إلى ظهور أهم حديث وقف مانعا في أن تصبح المرأة المسلمة رئيسا أو حاكما لدولة مسلمة، يقول في مقدمة الحديث، والذي يرويه البخاري:

«لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ. قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً».

لقد صمت هذا الصحابي أكثر من 25 عاما حتى يقول هذا الحديث، مما يثير الدهشة، لأن هناك نصوصا متعددة إسلامية تحرّم الصمت عن معلومة دينية بل تتوعد بالعذاب، فلماذا صمت، خاصة أنه نص يستمد منه حكم عظيم، وهو عدم أهلية المسلمة لتولي منصب الحاكم؟ لكن معركة كهذه فرّقت بين الصحابة سياسيا، جعلت الرجل الوحيد الذي يملك المعلومة يتحدث عنها.

إن هذا مثير للدهشة! وأيضا المثير أكثر، هو عدم نقاش مسببات صمته، وقبول الفقهاء لحديث شخص واحد لم يسمعه غيره، كقانون ملزم دفع النساء المسلمات بعيدا عن منصب قائد كل هذه السنوات.

على كلٍّ، الإمام محمد الغزالي صرّح في آخر كتاب له بتفسير آخر لهذا الحديث، غير ما فهمه المسلمون دائما وقال فيه، إن الحديث لأن المرأة التي حكمت فارس لم تكن لديها كفاءة، ولو أنها كانت تتحلى بالكفاءة ومنتخبة لنجحت، لذا الحديث لا يعني حرمان المسلمات من منصب قائد.

هل نحلم كسعوديات برؤية مختلفة لهذه النصوص، ونسمح للمرأة بأن تكون وزيرة وقائدة؟

على كل حال، لقد قالوا لنا من قبل: ذلك فيما يخص قيادة السيارة، وأصبحنا وبسبب رؤية ولي العهد نقود.

لذا، من حقنا اليوم -كنساء سعوديات- أن تتساوى فرصنا في الترشح لمنصب وزاري مع الرجال تماما.