رشا جبران



أتمنى أن أكون متوهمة، أن يكون المسلخ مستشفى أو عيادة سرية، وأن يكون الجزار طبيبا يُطبب بهدف إنساني لا يرجو مالاً أو شهرة، وأتمنى أن يكون بكاء الطفلة تعبا ومرضا وليس خوفا وهلعا! إني حقا أتمنى.

قبل فترة ليست طويلة انتشر أكثر من فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، واستشاط المغردون غضباً من محتواه، ولكن لم يلبث غضبهم إلا بضعة أيام، ثم هدؤوا، وكأن شيئًا لم يكن!

المقطع كان يحتوي على مشاهد لطفلة تبكي مستنجدة بأبيها، أو أنها تبحث عنه لا أعلم، وبعدها يأتي أشخاص يُوجهونها إلى سرير يشبه طاولة مسلخ وهي تبكي وتصرخ، أما الجزء الأغرب فهو جزء النهاية، حيث تظهر جثث الأطفال الملقاة في زوايا المكان، وكأنه لا توجد ثلاجات للأموات أو مقابر! هل خيالي واسع أم أن الفيديو مريب؟

بعض المغردين كتب كلاما يقشعر له البدن، قالوا إن هذه عيادة ليست مستشفى، وإنها عيادة سرية لسرقة أعضاء الأطفال السوريين اللاجئين والمهاجرين! ومن ثم المتاجرة بها.

والبعض كتب أن بعض الدول تخدع السوريين، وتأخذهم عن طريق البحر بحجة أنها ستوصلهم إلى أوروبا بلاد الأمان! وبعدها يختفون إلى الأبد، وكأنهم لم يُخلقوا.

ماذا لو كان هذا الكلام حقيقيا؟ ماذا لو أن التجارة المربحة هي التجارة بالأعضاء؟ ماذا لو امتهنها ذوو النفوس الدنيئة الطماعة؟ ماذا لو أن هذه التجارة تجري من تحتنا وتأكل أطفالنا ونحن في غفلة؟

بعد أن قرأت تغريدات كثيرة بدأت في البحث، فوجدت أن تجارة الأعضاء منتشرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأغلب الأعضاء المسروقة تكون من السياح والأطفال، وكذلك المشردين الذين لا أصل لهم ولا هوية.

لكن المُخجل أن تحدث تلك السرقات في بلاد فتحت أبوابها للاجئين السوريين، فبعد أن سرق وطنهم، أخذ الغرب يسرق أعضاءهم !

إن تجارة الأعضاء تجارة موجودة منذ الأزل، وهي تقوم على استئصال الأعضاء البشرية السليمة لزراعتها في جسد آخر، تتطابق أنسجته مع أنسجة العضو المراد زراعته، ورغم أنها تجارة موجودة منذ وقت طويل ومعروفة على مستوى العالم إلا أنها غير قانونية في بعض الحالات، كسرقتها بدون علم الشخص نفسه، أو بيع الشخص أعضاءه لغرض الحصول على المال هرباً من الفقر أو تسديداً لدين، ورغم أن العملية تتم برضا الشخص نفسه إلا أن البيع يتم بطرق غير قانونية، وعن طريق أشخاص غير متخصصين، وأغلب الأعضاء التي تُسرق يتم بيعها في السوق السوداء.

والمخيف أن الشبكات الإجرامية ومافيا الأعضاء انتشرت وتشعبت بشكل كبير حول العالم، أما ضحاياها فهم كثر، وغالبيتهم من البلدان التي يعاني أهلها من ويلات الحروب والدمار.

 أعتقد أن الموضوع يزدهر مع الوقت، والغريب أنّ الكل آثر الصمت عن الكلام، والغالبية فضلت الهرب والتجاهل على المواجهة، وردع تلك السوق الحمراء التي تجتاح العالم.