مقعد السعدي



ما قامت به لجنة مكافحة الفساد -وفقها الله- سابقة إيجابية سيظل التاريخ يغرف أحباره لكتابة أخبارها، والميثاق الذي رفعته اللجنة -ولا أسميه شعارا- الميثاق الأكيد أنه لا كبير على المحاسبة، إذاً انطلقي أيتها اللجنة -على بركة الله- كالريح الحاصبة، يعضدها زلزال اجتماعي مذهل صاحب الأحدية الغاضبة على كل الرؤوس الكبيرة التي أمِنت مكر الله فأتاها الله من حيث لم تحتسب، فقد تاجرت بكل شيء لتأخذ كل شيء، إنه زمن لا يعرف أحدا إلا الضعيف وحقه، والصادق وحجته، والمظلوم ومظلمته، انطلاقا من الميثاق الأكيد لا كبير على المحاسبة، زمن أطاح بالرؤوس وأسقط الأقنعة ووضع الكل في وجوه الكل تحت الشمس، إذا هات يا كبير حق الصغير، وخذ يا جائع رغيفك الضائع، لا وقت إلا للصدق، ولا مكان إلا للحقيقة، فلا حدود للصلاحيات، ولا حواجز أمام القامات، ولا مخابئ للمسروقات، إنه طوفان ميثاق لا كبير على المحاسبة، إنه الطوفان الذي احتبس في الصدور طوفان الدموع والآلام والحسرات والنكبات والأيمان الكاذبة، والتجوير الأنيق والأراضي المحرزة والحسابات الفلكية، إنه اصطدام الكل بالكل، كل سيرضى بما تؤول إليه نتيجته، فدقيقة العمل ستدفع فاتورتها، وشبر الأرض سيرجع إلى صاحبه، وحسرة الحرمان ودمعة الغصب ستكونان لمستي حنان وعطف على المكتوي بهما.

لا كبير على المحاسبة، إنه الزمن يقف في وجه الزمن الجديد يحاسب القديم، والقديم يكشف أوراقه للجديد، لا اعتبار للصفات ولا للذوات إلا بقدر احترامها لأنفسها ثم لواجبها، وبالتأكيد سوف تأخذ حقها، وللقديم أيضا أن يحاسب الجديد على كل قطرة عرق بذلها من أجل بناء يرفع أو حقل يزرع أو شيء يصنع مهما تناهى في البدائية.

خذ وهات.. هات وخذ يدا بيد سواء بسواء، فأهل العلم الشرعي يقولون حقوق الله مبنية على العفو والمسامحة، وحقوق الآدميين مبنية على المؤاخذة والمشاحة، فكل حرف لم يتعلمه الطالب بشكل صحيح مع تمكن المعلم من ذلك أدهى وأمر من مليون ريال ليضخموا به مرتشي حسابه، وكل معلومة كتمها عالم دين وعالم دنيا يمكن أن يستفيد منها غيره أعظم جرما من مئة ألف متر مربع من الأرض ليحرزها سارق أنيق ويضع يده عليها بغير وجه حق، وكل نصيحة أو مشورة أو رأي جر وبالاً على الشعب فهو ذنب يعاقب عليه الشعب.

إذا نحن مع ولي الأمر ومع لجنة مكافحة الفساد قلبا وقالبا، وأنا أول المستعدين للمحاسبة عن كل ما في ذمتي من وقت ضائع أو مال مهدر أو كلمة في غير موضعها.