لم تتوان المملكة في إبراز ردة فعلها تجاه أي قضية خارجية تحتم عليها الظروف أن تحكم فيها، بدأتها بحربها ضد ميليشيات الحوثي وأطماعها في الاستيلاء على خيرات اليمن الشقيق، والعبث بأمنه واستقراره، وجعله تحت إمرة رموز الإرهاب أصحاب الثياب السوداء، عبدة الخميني، فما كان من المملكة إلا إعلان عاصفة الحزم على لصوص وأتباع ملالي إيران، وأوجعت وما زالت توجع أيدي الخراب هناك.

واستمرت في دعم القضايا الدولية والملفات الساخنة في المنطقة، مرورا بالملف السوري، وما زالت تبذل مساعيها في توجيه بوصلة القرار الدولي إلى إنهاء معاناة الشعب السوري. وأيضا، لم تتأخر في اتخاذ القرار تجاه قطر وممارساتها العدائية ضد دول المنطقة، وما تقوم به من دعم للإرهاب، وسعيها لإثارة الفتن والخراب، ومحاولة انتزاع الأمن من دول المنطقة، وإثارة الفوضى فيها. وأيضا، لم تتردد في مد يد العون للعراق والوقوف إلى جانب السلطة العراقية وانتشالها من العبث الإيراني، واستقلالها عن وصاية النظام الإيراني الإرهابي الذي جعل العراق منصة ومركز عمليات إرهابه.

وعلى الرغم من ثقل الملفات الخارجية ودور المملكة تجاهها، قامت بفتح ملفات الفساد في الداخل، وضربت بقوة ودون هوادة مخالب الفساد، لترد كل ما نُهب من مقدرات وثروات البلد التي وضع الفاسدون أيديهم عليها دون وجه حق. الفساد الذي طالما نهش أحلام التنمية، وركل أحلام البسطاء، وأصابها بالذبول.

والحرب على الفساد والمفسدين، هي نقطة الانطلاق الحقيقية لبناء مجتمع يريد الوصول بطموحاته إلى عنان السماء، فالفساد هو المعوق الحقيقي وهو المسؤول عن كل باحث عمل لم يلتق براتب يبني به مستقبله، هو المسؤول عن كل من يحلم في بناء منزل له ولأسرته ولم يقو على شراء أرض، هو المسؤول الأول عن كل مشروع تنموي سيقفز بتطلعات الوطن لما هو أبعد منها. الفاسد هو المسؤول عن تقليص الطبقة المتوسطة وزيادة نسبة الفقراء، الفساد هو من جعل الدولة مضطرة للدفع بخيار التقشف، وإيقاف البدلات والعلاوات، الفاسد لم يأخذ أموالا فقط بل قتل أحلام شعب في العيش الكريم. واليوم، بدعم وتوجيه الملك وولي عهده -حفظهما الله- ستعود الأحلام لترى النور على أرض الواقع، وسيكون غدا مشرقا لكل أبناء هذا الوطن، وهذا ما يجعلني أستذكر ما قاله العالم الصيني «لاو تسو»: «راقب أفكارك لأنها ستصبح كلماتك، وراقب كلماتك لأنها ستصبح أفعالك، وراقب أفعالك لأنها ستصبح عاداتك، وراقب عاداتك لأنها ستصبح شخصيتك، وراقب شخصيتك لأنها ستحدد مصيرك». وحين نسقطه على الواقع اليوم، نجد أنه هو ما نعيشه، وقد وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الأفكار في عنوان عريض بقوله: «إذا كان الشعب السعودي مقتنعا بالإصلاح، فعنان السماء هو الحد الأقصى لطموحاتنا»، وتجلت الأفكار والطموحات في كلمات كثيرة منها حين قال: «لن ينجو كل من دخل في قضية فساد سواء وزير أو أمير وأي من كان من تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يحاسب». وتُوجت هذه الكلمات بأفعال بقرارات ضد الفاسدين، والبداية من رأس الهرم، أصحاب النفوذ الأكبر المعطل الأساسي لكل مشاريع التنمية. وحين يصبح هذا الفعل العادة والمعتاد في بلدنا، وغيرها من القرارات التنموية والتطويرية ستفوق الطموح إلى ما هو فوق التوقعات، حينها ستتشكل شخصيتنا مدعومة بقوتنا الدينية والجغرافية والاقتصادية والسياسية، حينها لن أقول إننا سنحدد مصيرنا فحسب، بل سنكون مؤثرين وبقوة في تحديد مصير العالم بأسره. ‏?