فيما تواصل ميليشيات الحوثيين الانقلابية حربها المفتوحة ضد الشعب اليمني، وتتمسك باستمرار المعاناة الإنسانية، وتضع المدنيين تحت رحمة نيرانها من جهة، وتمنع وصول المساعدات الغذائية والطبية التي ترسلها المنظمات الدولية والدول المانحة، يسارع التحالف العربي لاستعادة الشرعية، الذي تقوده المملكة إلى توزيع كميات ضخمة من المساعدات على المواطنين، وتقديم العون الطبي والإنساني لهم، دون النظر إلى أي اعتبارات سياسية أو مذهبية.

وكان لافتاً أنه بعد ساعات قلائل من إتمام تحرير مدينة موقس بمديرية بيحان، قام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتوزيع آلاف السلال الغذائية على سكان المدينة، من منطلق إنساني بحت، لم يتأثر بأي اعتبارات أخرى، فالمملكة تنظر إلى الشعب اليمني على أنه كله ضحية لحرب الحوثيين، لذلك ومنذ انطلاق عمليات إعادة الأمل فإن مركز الملك سلمان أرسل آلاف الأطنان من المواد الغذائية التي وصلت حتى المدنيين في مديرية صعدة، مسقط رأس زعيم التمرد عبدالملك الحوثي وحاضنته التي يتجمع فيها كبار مساعديه وقادة ميليشياته. حتى مستشفى السلام، الذي يعد المستشفى الوحيد الموجود في المحافظة، أنشأته السعودية عام 1982، وما زالت – بشهادة الأمم المتحدة – تتولى حتى الآن مسؤولية تشغيله والتكفل بكافة مصاريفه، وهو يقدم الدواء والأمل لمرتاديه من كافة ألوان الطيف السياسي والمذهبي.

في المقابل فإن الميليشيات التي لا تقيم وزنا لأي اعتبارات إنسانية أو دينية لا تتورع عن مواصلة حصارها للمدنيين الأبرياء في تعز، وترفض دخول السيارات التي تحمل الأدوية، وتصادر شحنات الغذاء لمصلحتها، وتوزعها على عناصرها، حتى إن كميات كبيرة من تلك الأدوية والأمصال فسدت وانتهت صلاحيتها وهي واقفة بانتظار السماح بالدخول. ما سبق يؤكد حقيقة واحدة، هي أن تلك الميليشيات الخارجة على القانون لا ينبغي أن يضيع المجتمع الدولي مزيدا من الوقت معها في مفاوضات سياسية، لأن الخاسر الأوحد في هذه الحالة هم المدنيون، الذين يدفعون فاتورة تعنتها ورفضها التوصل إلى تسوية سياسية، والحل الوحيد يكمن في تسريع العمليات العسكرية لتخليص البلاد من شرها واستئصالها إلى الأبد. فالميليشيات التي لا تملك قرارها تعمدت أكثر من مرة تعطيل مفاوضات الحل السياسي التي عقدت في جنيف وفي الكويت، لأنها لا تعرف غير التعامل بلغة السلاح، ولا تتجاوب إلا تحت الضغط.

أما إيران التي يدين لها الانقلابيون بالولاء والطاعة، ويقومون بكل تلك الأعمال خدمة لمصالحها وأحلامها بالتوسع في المنطقة، فيكفي أنها لم تقدم لليمن خلال أزمته الإنسانية أيا من أشكال الدعم والمساعدة، وكل ما فعلته هو إرسال أطنان من المتفجرات وأسلحة الدمار، التي أزهقت أرواح المدنيين، وقتلت الأطفال، وما زالت حتى اليوم تتحدى المجتمع الدولي، وتواصل تهريب الأسلحة لعملائها، وفق ما أعلنه المتحدث باسم التحالف العربي، العقيد الركن الطيار تركي بن صالح المالكي في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، وتأكيده أن قوات التحالف سيطرت على أسلحة إيرانية، منها صواريخ باليستية، تم تهريبها على شكل قطع عبر ميناء الحديدة، خلال الأسابيع الماضية. وهذه الحقائق تستلزم من المجتمع الدولي التدخل بصورة عاجلة لمنع تلك الانتهاكات، ووقف تهريب الأسلحة التي يمكن أن يستغلها الانقلابيون لتهديد حركة التجارة العالمية التي تمر عبر مضيق باب المندب، وحينها سيضطر المجتمع إلى بذل جهود أكبر لتحقيق هذا الهدف، وربما يكون الوقت قد فات.