في وقت عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لبحث ملف الاتجار بالبشر في ليبيا، استجابة لطلب قدمته فرنسا، على خلفية تقرير تلفزيوني تحدث عن بيع المهاجرين عبيدا قرب العاصمة طرابلس، ما تزال الأزمة الليبية تلقي بظلالها سلبا على المحيط الإقليمي والدولي، وذلك في ظل إخفاقات الأمم المتحدة في الالتزام بمعاييرها، وتعنت الأطراف المحلية المتقاتلة، وتزايد معدلات النازحين إلى القارة الأوروبية.

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية الحكومية أعلنت قبل أيام أن فرق الإطفاء التابعة لما يعرف بمنطقة الهلال النفطي، سيطرت على الحريق الذي اندلع في منظومة العدادات بحقل الغاني جنوب شرقي البلاد، بعد ورود معلومات عن قيام ميليشيات مجهولة الهوية بقطع أنبوب في أحد الحقول النفطية، مما ينذر باندلاع كارثة اقتصادية وتعطل الإنتاج في البلد الإفريقي الغني بالموارد النفطية. وتم إغلاق حقل الغاني منذ مارس 2015، عقب هجوم شنه تنظيم «داعش» الإرهابي، وأسفر عن مقتل 11 جنديا تابع للقوات التي يقودها المشير خليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرقي البلاد.


استنكار عالمي

يأتي ذلك، في وقت أثارت الأنباء حول وجود أسواق للرقيق لبيع الشباب الأفارقة في العاصمة طرابلس، ردود فعل واسعة على المستويين الإقليمي والدولي، إذ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس عن صدمته، داعيا إلى محاكمة المسؤولين عن العملية بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. فيما أبدى رئيس الاتحاد الإفريقي ألفا كوندي «استنكاره»، والاتحاد الأوروبي «اشمئزازه»، وطالبت فرنسا بعقد اجتماع «عاجل» لمجلس الأمن الدولي. وفيما أعلنت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، فتح تحقيق حول القضية، تساءل مراقبون عن جدوى انتظار خروج تقارير إخبارية عن تدهور الأوضاع في البلاد، من أجل التحرك للتحقيق في هذا النوع من الممارسات غير الإنسانية. وبحسب المراقبين، فإن السراج يقود حكومة ضعيفة، ولم ينجح في بسط سلطته على البلاد بالكامل بعد أكثر من عام من انتقال حكومة الوفاق إلى طرابلس، لافتين إلى أن المشير خليفة حفتر غير المعترف بشرعية حكومة السراج، بات يحظى بدعم برلمان طبرق المنتخب، ونجح في تحقيق مكاسب عسكرية ميدانية شرقي البلاد، بما يعني غياب الدولة المركزية، وافتقاد الحكومة لمراقبة الحدود وتفكيك شبكات التهريب من جهة، وزيادة عدد المهاجرين عبر ليبيا من جهة أخرى.


اغتصاب وتعذيب

أشارت منظمات غير حكومية إلى أن الانتهاكات التي يتعرض لها آلاف المهاجرين الأفارقة في ليبيا، من اغتصاب وتعذيب وعبودية ليست جديدة، وأنها كانت معروفة منذ وقت طويل، إذ أكد مدير قسم غرب ووسط إفريقيا في منظمة العفو الدولية عليون تين، أن احتجاز الرهائن والعنف والتعذيب والاغتصاب، كلها أعمال شائعة في ليبيا، في وقت تعكس هذه الأوضاع مؤشرات تعقيدات الملف الليبي، وتلقي بظلال من الشكوك حول قدرة سلطات طرابلس على الوفاء بتعهداتها في وضع نهاية لمآسي اللاجئين والمهاجرين.


مهمة أمنية شاقة

تسهم الأوضاع المعقدة بليبيا في جعل مهمة ضبط الأمن على السواحل الليبية مهمة شاقة، وتلقي بمزيد من الضغوط على صانعي القرار في العواصم الأوروبية، الذين يبحثون بشكل محموم عن حل لأزمة اللاجئين.

وكان المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين، ندّد بحدة الشهر الجاري، بتدهور ظروف احتجاز المهاجرين في ليبيا، وعدّ التعاون الأوروبي مع هذا البلد عملا غير إنساني.