شرف الزهراني



قُدر لي في أواخر القرن الهجري الماضي، وتحديدا عام 1399، أن أكون ضمن فريق من المعلمين والمشرفين التربويين الذين تم إيفادهم إلى اليمن الشمالي آنذاك.. عينت بالعاصمة اليمنية صنعاء ولم يكن ذلك التاريخ ببعيد من تسلم علي عبدالله صالح السلطة باليمن.. كنا نتسلم رواتبنا من المملكة العربية السعودية مع كامل البدلات، وقد سعدنا برئاسة الأستاذ الفاضل أحمد الجبير -رحمه الله- وهو والد وزير الخارجية الحالي عادل الجبير، حيث كان ملحقا ثقافيا بصنعاء في تلك الفترة، وبطبيعة العمل التربوي الذي من أطيافه المعلمين ومن ضمنهم إخوة من المعلمين من مصر، وقد سألت أحدهم من باب الفضول كم مرتبك الذي تتقاضاه؟ فأجاب راتبي كذا وكذا.. فسألته من أي جهة تتسلمون رواتبكم فأخبرني بأنهم يتقاضون رواتبهم من المملكة العربية السعودية، هو وكافة المعلمين المصريين باليمن كدعم من المملكة العربية السعودية للحركة التعليمية باليمن..

لفت نظري آنذاك أمران:

الأول: الدعم اللامحدود من المملكة، حيث كان الدعم ثقافيا واقتصاديا وعسكريا، وكانت هناك هيئة سعودية سميت باسم (مكتب المشروعات السعودية باليمن، وهو يمثل وزارة تشرف على كافة المشروعات باليمن في كافة الجوانب). ثانيا: تشكيل مجلس التعاون السعودي اليمني ويعقد كل عام مرة بالرياض والأخرى بصنعاء، ومهمته التنسيق في كل أمر من أمور الدولتين والنهوض بمستوى الخدمات والتكامل في كل الأمور التي تهم البلدين، السرد قد يطول عبر السنين لما قامت به المملكة من أعمال بناء وإسهامات كبيرة لصالح اليمن واليمنيين من ضمنها: الخطوط الجوية اليمنية كانت مناصفة، حيث دعمت السعودية بنسبة 49% من قيمة المشروع، وكان برج الخطوط الجوية اليمنية من المباني الملفتة للنظر بالعاصمة صنعاء، وكان بدعم من المملكة العربية السعودية أيضاء قامت السعودية بإعادة إعمار ذمار بعد تعرضها لهزة أرضية، حيث قامت المملكة بإنشاء المستشفى العام بصعدة وتشغيله، وكان مدير هذا المستشفى سعوديا، وهذا من حسن نيتنا دون النظر إلى مذهب أو طائفة أو التمييز، فكان العمل إنسانيا بحتا.

كانت جامعات المملكة ومعاهدها المدنية والعسكرية مفتوحة للشباب اليمني للدراسة والتدريب. لا أستطيع سرد كل ما رأيت من أعمال للسعودية في اليمن، ولكنني أوردت بعض مشاهداتي عبر سنين لما قامت به المملكة من عمل جبار لليمن واليمنيين.

أخيرا استجابت السعودية لنجدة الشرعية اليمنية وإعادة الأمور إلى نصابها وهذا ليس بمستغرب.

أوجه نداء لكافة أطياف الشعب اليمني من صغارهم الذين لم يدركون ولا يعلمون ما قدمته المملكة لهم ولوطنهم عبر السنين، ولكبارهم الذين نسوا كيف وقفت وساعدت المملكة أشقاءها اليمنيين عبر السنين، أوصيهم بتحكيم العقل وإعادة بناء الدولة اليمنية ذات التاريخ العريق والإمكانات الضخمة.. وعلى كل يمني أن يسأل نفسه ماذا قدمت إيران لليمن واليمنيين من فجر التاريخ وحتى الآن، سواء إذكاء روح الطائفية والخراب والدمار وتمزيق الشعب اليمني، وإثارة النعرات بين أطياف الشعب من خلال أذرع الخيانة الحوثية الجاهلة.

اللهم هيئ لليمن الشقيق من أمره رشدا.