استنكرت المملكة العربية السعودية، ومعها دول العالمين العربي والإسلامي والمنظمات الإسلامية، إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، وأعلنت الدول الإسلامية أن هذا الإعلان غير مبرر، وسيؤدي إلى تداعيات خطرة على استقرار المنطقة والعالم، لما يمثله من ميل واضح تجاه أحد طرفي النزاع، وهو الطرف المعتدي والمغتصب للأراضي العربية، ضد الطرف الآخر وهو صاحب الأرض، ويمثل الحق والأرض وعدالة القضية.

دأبت السعودية، منذ احتلال الكيان الصهيوني الأراضي الفلسطينية العربية، على وقوفها الصامد والثابت مع أشقائها الفلسطينيين، وظلت القضية الفلسطينية تمثل الهاجس الأول والأكبر لدى مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود «رحمه الله»، كما حمل أبناؤه الملوك البررة من بعده وصية والدهم، وحملوا عبء هذه الأمانة الإسلامية دون أي تقصير، ففي عام 1948، أو ما يسمى عام النكبة، استنهض الملك عبدالعزيز كل قواه المادية والمعنوية لدعم القضية الفلسطينية، وعلى كل الأصعدة السياسية والمالية والعسكرية، فشاركت قواته العسكرية مع القوات العربية الأخرى ضد الاحتلال الصهيوني للبلاد العربية ومقدساتها الإسلامية.

أثبتت المملكة أن القضية الفلسطينية هي صلب اهتماماتها الخارجية بالقول والعمل، منذ عهد المؤسس وحتى العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن

عبدالعزيز «حفظه الله». والسعودية تحمل تاريخا مشرفا وناصعا في وقوفها الصامد مع أشقائها الفلسطينيين، ولا يضرها النعيق الباهت في بعض وسائل الإعلام المحسوبة على جهات امتلأت أفئدتها واكتظت بحقدها على نجاحات المملكة وسؤددها في المحافل الدولية، ومكانتها السامية في قلوب المسلمين.

فلو تحدثنا عن الدعم السياسي الذي قدمته المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية، فهو دور بارز يتمثل في تعزيزها المادي والمعنوي في صمود الشعب الفلسطيني أمام مراحل العدوان المختلفة، عبر تاريخ الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية.

وأمام تعقّد الأمور السياسية، وصمت العالم تجاه ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات وانتهاكات ضد الفلسطينيين، اقترح الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز «رحمه الله»، وكان وقتها «وليا للعهد» مشروع سلام متكامل يمثل حلا للقضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، وقد تبنت الجامعة العربية مشروع الملك عبدالله في قمة بيروت عام 2002، ولكن وللأسف الشديد قوبلت بالرفض من قوى العدوان الصهيوني الإسرائيلي.

وطوال تاريخ القضية الفلسطينية والممتد حوالي 7 عقود، والمملكة تبذل جهودها الحثيثة والمستمرة، وتقوم باتصالات مكثفة مع دول العالم الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية بإداراتها المتعاقبة، بالضغط على دولة الاحتلال، وإلزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تنص على الانسحاب الكامل من كل الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

لقد أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز، في خطاباته المتكررة ودعواته المتعددة على حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وحق هذا الشعب المظلوم في نيل حقوقه الإنسانية، وعدم الاعتداء عليه تحت أي ذريعة من الذرائع التي تنتهجها سياسة الاحتلال الصهيوني، كما أكد الملك سلمان -حفظه الله- وفي أكثر من محفل دولي أن سياسة المملكة العربية السعودية هي الوقوف الكامل مع الشعب الفلسطيني، وحقوقه المشروعة في استقلاله، والتصدي التام للتوسع الاستيطاني غير المشروع في الأراضي العربية المحتلة.

وقبل أشهر قليلة، أقدمت قوى الاحتلال الصهيوني على إغلاق أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين، فما كان من خادم الحرمين الشريفين -وبجهوده المباركة واتصالاته الحثيثة مع كبار زعماء العالم الإسلامي والدول الغربية الصديقة- أن استطاع -حفظه الله- تحريك الدول ضد التعسف الصهيوني أمام المسلمين، مما أدى إلى إجبار سلطات الاحتلال الصهيوني على فتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين.