الجوال الذي بيدك حطم قواعد التجارة التقليدية وتجاوز الحدود المكانية والزمانية للبيع والشراء، وحوَّل الإنترنت العالم إلى قرية صغيرة، وجعل سوقها مفتوحاً على مدار الساعة. فحسب الإحصائيات تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في العالم (3.2) مليارات، ويتوقع ارتفاع عدد المستخدمين إلى (3.8) مليارات مستخدم عام 2020، وساهمت الهواتف الذكية في هذا الانتشار حيث بلغ عدد الأجهزة المتنقلة التي تدعم الوصول للإنترنت أكثر من (4) مليارات جهاز خلال عام 2016، وتشير التوقعات إلى وصول عدد الأجهزة إلى (6) مليارات جهاز عام 2020. وبالتالي ساعد انتشار الإنترنت والأجهزة الذكية المتنقلة في ازدهار التجارة الإلكترونية العالمية، حيث قدرت قيمة المعاملات التجارية الإلكترونية بين الشركات والمستهلكين بحوالي (4) تريليونات دولار عام 2016.

وبخصوص الحصة السعودية من هذا السوق الضخم، فإن السعودية تتصدر أسواق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووفق تقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بلغت قيمة إنفاق التجارة الإلكترونية بالسعودية تحت بند المعاملات بين المستهلكين والشركات حوالي (30) مليار ريال، ويتوقع أن يرتفع الإنفاق بمعدل نمو سنوي 20 % خلال السنوات القادمة. ويدعم هذا النمو الانتشار الواسع للإنترنت واستخدام الهواتف الذكية المتنقلة، حيث تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت بالسعودية (24) مليون مستخدم في الربع الثاني من عام 2017، ومتوسط إنفاق المتسوق السعودي عبر الإنترنت تجاوز (4) آلاف ريال خلال عام 2016.-وحسب التقرير، «فإن الحكومة تسعى إلى تعزيز مركز المملكة في مؤشر الأمم المتحدة لمعاملات التجارة الإلكترونية بين المستهلكين والشركات من 63 إلى 35 بحلول نهاية 2020، كما تستهدف رفع ترتيب المملكة في مؤشر معاملات التجارة الإلكترونية بين الشركات من 34 إلى 25 بحول نهاية 2020».

نمو وتطور التجارة الإلكترونية بالسعودية سيساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030، وسيفتح أسواقاً جديدة ويجذب شركات دولية عملاقة ويخلق فرص عمل هائلة. ولجعل سوق التجارة الإلكترونية بالسعودية أكثر جاذبية للمستهلك والمستثمر المحلي والدولي ينبغي معالجة بعض النقاط، أولاً: قوانين وزارة التجارة والاستثمار فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية تحتاج إلى وضوح أكثر، وتسهيل للإجراءات بشكل أكبر. فمثلاً يصعب عليك تحديد نوع السجلات التجارية للأنشطة الإلكترونية رغم وضوح النشاط التجاري! ناهيك عن طول أمد استخراج السجل التجاري، وتداخل العديد من الوزرات والهيئات الحكومية في الإجراءات.

ثانياً: أهمية تمكين المستهلك باستخدام بطاقات الصراف الآلي «مدى» لعمليات الشراء من الأنترنت، وكذلك إتاحة الفرصة لرواد الأعمال المتخصصين بالتقنية المالية لابتكار حلول دفع جديدة تواكب ظروف المجتمع وتخلق التنافسية وتعززها.

ثالثاً: نحتاج إلى دعم رواد الأعمال في شركات الشحن الصغيرة وتسهيل التراخيص لهم لدخول السوق، فالخدمات اللوجستية الحالية سعرها عال، وجودتها أقل من المتواضعة، وبالتالي دعم شركات الشحن المحلية الناشئة سيخلق فرصاً للعمل ويحسن خدمات التوصيل ويعزز الجودة بأسعار مناسبة.

رابعاً: دعم شركات البرمجة السعودية بإبرام شراكات واتفاقيات مع شركات التقنية الرائدة عالمياً، لتطوير أداء المخرجات السعودية التقنية من خلال الدورات وورش العمل ونقل الخبرة والمعرفة، أو من خلال الدعم الحكومي المباشر لشركات البرمجة السعودية.

ختاماً، السوق السعودي الإلكتروني واعد ونوعي وسيجذب المستثمرين المحليين والدوليين إلى الاقتصاد السعودي، ولكن يقتضي الأمر بعض التطوير والتحسين.