إذا كان المعلمون في العالم يُصنَّفون الأكثر إنفاقا على وظيفتهم، لطبيعة عملهم التي تتطلب منهم شراء كثير من المستلزمات والوسائل التعليمية ونحوها، فالمعلمات في السعودية هن الأكثر إنفاقا من المعلمين، خاصة أن بعض المدارس ترى أن من واجبات المعلمة الإنفاق على وظيفتها، ويمتد ذلك إلى ورق التصوير وأحبار الطابعات التي يتم تأمينها من المعلمات بالتشارك، باعتبار أن ما يصرف للمدارس من مستلزمات مخصصٌ للأعمال الإدارية في المدرسة، وليس لأعمال المعلمات وأوراقهن.


تحذيرات وزارتين

رسميا، حذرت وزارتا الداخلية والتعليم، من إجبار المعلمين والمعلمات وبعض قائدي المدارس والمشرفين والمشرفات، على دفع أي مبالغ مادية في المدارس، إلا أن هذا التحذير لم يؤخذ من إدارات التعليم في الحسبان، إذ لا يزال المعلم يسهم براتبه أو جزء منه في تسيير شؤون المدرسة، حتى أصبح معيار تميز بعض المعلمين والمعلمات لدى قائدي المدارس، هو بمقدار ما ينفقه على وظيفته، وهذا جعل كثيرا من المعلمين والمعلمات يضطر إلى الدفع مقابل ضمان الحصول على درجات الأداء الوظيفي أو الحصول على حظوة لدى قائدي المدارس.

فعلى سبيل المثال، يدفع المعلمون والمعلمات أموالا مقابل أدوات التنظيف في المدارس، ويدفع المعلمون مقابل برامج وفعاليات للنشاط، وأخرى لتفعيل خطة المدرسة أو الإدارة، أو لتزيين الفصول والمدرسة.


رواتب عمالة

ليس فقط الأعمال الوظيفية والأنشطة التي تتطلب دفع المعلمين والمعلمات، بل هناك التزامات أخرى، كدفع مرتبات عمالة يستعان بها في تنظيف غرف المعلمين والمعلمات، أو القيام بالبيع في المقاصف المدرسية، على الرغم من وجود مستخدمات في كثير من المدارس وميزانيات للنظافة.

وقال مراقبون، إن بعض إدارات المدارس تنفق ميزانية التشغيل والنظافة على الاحتفالات التي تقام في المدرسة، وتستعين بالمعلمين والمعلمات فيما يعرف بنظام «القَطّة» كي يتم توفير مبالغ لشراء بعض الاحتياجات والمستلزمات الأخرى ودفع رواتب العمالة، على الرغم مما تحظى به وزارة التعليم في المملكة سنويا بميزانيات ضخمة، كان آخرها عام 2017، إذ بلغت مخصصات الإنفاق لقطاع التعليم 200 مليار كأكبر القطاعات دعما، ومنها المباني المستأجرة والحكومية المتهالكة، والتي تستنزف كثيرا من الميزانيات.


كتابة السيناريوهات

يرى ستيف بيترسون، معلم متقاعد في آيوا، والذي قام بالتدريس لأكثر من 20 عاما وأنفق ما يقدر بـ1000 دولار في السنة، وكتب في «تويتر» معلقا، «لعدة سنوات وأنا أنفق بين 500 –1000 دولار في السنة على كتب للفصل واشتراكات للأدوات الرقمية ورسوم منصات التدوين وأدوات التدريس والأدوات العلمية وملابس الأطفال وغيرها».

وتقول بيكي سولومون، وهي معلمة مسرحيات في إحدى المدارس الثانوية في شيكاغو «كوني معلمة مسرحيات، فقد أنفقت على الأقل 600 دولار على الأدوات وكتابة السيناريوهات». يقوم جريج رتر بتدريس الرياضيات واللغة الإنجليزية، ويدير مختبرا بمستوى ابتدائي مخصص للعلوم و التكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات في مينيسوتا، ويقول إنه ينفق حوالي 2000 دولار على الكتب وأدوات المشاريع، بما في ذلك الروبوتات ومعدات أخرى عالية التقنية.


لا مفر من الصرف

أشار التقرير إلى أنه لا مفر من الصرف في المدارس، ففي كل سنة ينفق المعلمون من جيوبهم لشراء أشياء، مثل الدفاتر والمناديل وأقلام الرصاص لطلابهم.

وتقول إيرين كرادوك، معلمة الصف الرابع في فيرجينيا، إنها تنفق أكثر من 300 دولار في السنة على أشياء مثل الكتب وأرفف الكتب والملفات والمنظمات واللوحات الجيبية والأوراق ومعقمات الأيدي، بينما يؤكد عدد من المعلمين أنهم ينفقون ما يقدر بـ1000 دولار في السنة.


ظاهرة عالمية

في استطلاع أجرته شبكة الإذاعة الوطنية العامة في الولايات المتحدة الأميركية «National Public Radio»، تم اكتشاف أن قائدي المدارس أنفقوا متوسط 683 دولارا من مالهم الخاص، بينما المعلمون أنفقوا 530 دولارا، والمعلمون في المدارس شديدة الفقر أنفقوا أكثر من ذلك بحوالي 40%، والمعلمون في المدارس شديدة الفقر عادة ما يجدون أنفسهم ينفقون أكثر لشراء الطعام وتقديم المساعدات لطلابهم، بغض النظر عن طبيعة المادة التي يتم تدريسها.