بضغط وصبر ومداومة من بضع أخوات من مجلس الشورى الموقر، ولدت التوصية المنتظرة في الحق الإنساني لأبناء المواطنات المتزوجات من أجانب بالحصول على الجنسية السعودية.

بطاقة الهوية الوطنية التي تعتبر اليوم واحدة من أكثر البطاقات طلبا وأملا بين شعوب الأرض. وموقفي الثابت أنني ضد التجنيس العشوائي أو الانتقائي، فلدينا اليوم من الرقم السكاني ما يكفي، ولكننا في هذه الحالة لا نتحدث أبدا عن قصة تجنيس، فهؤلاء في الأصل بنصف دم سعودي خالص، وسأزيد فوقها أن الأم هي الوطن الأول. وفوق هذا علينا أن ندرك طبيعة النسبة الكبرى من زواج هؤلاء السعوديات بأجانب.

نسبة كبرى من هذه الزواجات تتم بين عائلات يحمل بعض منها الجنسية السعودية وبعضها الآخر جنسية البلد الأصل الذي تعود إليه جذور ذات العائلة.

توصية مجلس الشورى حينما تتحول إلى قرار رسمي لا تعكس وجه السعودية الجديد فيما يختص بحقوق المرأة فحسب، بل أيضا تشير بوضوح إلى عزم القيادة السعودية على كسر كل قيود التمييز اللا أخلاقية ما بين الجنسين. وهنا يبرز سؤال الدهشة: لماذا يحصل أبناء المواطن المتزوج بأجنبية على الجنسية بصورة تلقائية بينما احتاجت المواطنة إلى هذا الجهاد الطويل كي يحصل أبناؤها على نفس الحقوق؟

ويبقى مما يستحق الانتباه تلك الحملة العنصرية التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي التي استغلت مثل هذه التوصية لبث سمومها المريضة. وكما قال الزميل العزيز، غسان بادكوك، فإن من يظن نفسه في مأمن من بذاءات هؤلاء العنصريين فهو واهم.

العنصرية سرطان يتفشى ويتسرب إلى مجتمعنا والصمت عن هؤلاء أو الخوف من تسلطهم لن يجعلنا في مأمن عن قذاراتهم.

بقي أن أذكر الجميع أن سكان هذا الوطن قبل الاستقرار السياسي والاقتصادي، وقبل يزوغ نجم الإمام الموحد كانوا أهل ترحال إلى كل الحواضر والحواضن القريبة منها والبعيدة.

نحن شعب يعيش ويتآلف ولم نكن أبدا منغلقين بذات (الأنا) العنصرية التي يشحننا بها البعض ولن نكون كذلك.