ما من عربي منصف ولا مسلم، إلا ويعرف ماذا قدمت المملكة العربية السعودية وما تزال، من جهود في خدمة الحرمين الشريفين، اللذين ينالان الأولوية في مشروعات الوطن، منذ التأسيس إلى يومنا هذا، خدمة لضيوف بيت الله الحرام، فلا يكاد يخلو عام، إلا وعجلة الإصلاح والترميم والتوسعة والصيانة والإعمار تعمل بلا توقف في المدينتين المقدستين، من أجل أن يكون الحرمان الشريفان مهيئين لزائريهما من حجاج ومعتمرين، حتى أن المصادر التاريخية تشير إلى أن الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، قد أرسى من البداية أسس العناية بالحرمين الشريفين ليكونا في مقدمة اهتمام حكام البلد، فأمر رحمه الله بأعمال الترميم والتحسينات للمسجد الحرام بعيد دخوله مكة المكرمة سنة 1343، ثم توالت بعد ذلك أعمال الصيانة والإصلاحات في المسجد الحرام، وأمر بإنشاء مصنع لكسوة الكعبة خصيصا في عام 1346، ثم أمر بتوسعة المسجد النبوي في عام 1368، عندما بدأ يضيق على مصليه، ومنذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا، وجهود بلادنا لم تتوقف عن خدمة المسجدين، وقد شهد الحرم المكي أكبر توسعة له في عهد الملك عبدالله رحمه الله، شملت المسعى والساحات الخارجية وصحن الطواف، وتشغيل قطار المشاعر بكامل طاقته، واستكملت في عهد الملك سلمان وفقه الله، وملوكنا حين تلقبوا بـمسمى «خادم الحرمين الشريفين»، فهذا كان من منطلق إيمانهم، أن خدمة الحرمين الشريفين شرف، وشعور بأن ما يقدمونه لخدمتهما ليس إلا واجبا تمليه عليهم مسؤوليتهم كقادة لهذا الوطن.

ولهذا لا يشكك في قدرة المملكة على الوفاء بمسؤولياتها تجاه الحرمين الشريفين، أو يقّلل من جهودها لخدمة ضيوف الرحمن، ورعايتهم حتى يعودوا إلى بلدانهم؛ إلا أعداء حاقدون على بلادنا وقادتنا وشعبنا، وهؤلاء لن نلتفت لهرطقاتهم، غير أننا لن نتوقف في فضح مزاعمهم، أما ما يقال عن «تدويل الحرمين الشريفين»، تلك الفكرة التي تراود أحلام الخمينيين منذ زمن، ويكرر صداها اليوم إعلام الدوحة؛ فليس الهدف منها إلا «صناعة الإثارة» ليس أكثر، وإلا فنظام الحمدين في قطر وجمهورية الملالي، يعلمان قبل غيرهما أن الحرمين الشريفين وخدمة زوارهما، حق سيادي سعودي مكفول عرفا وقانونا، ولا تقبل بلادنا أن تُنازع فيه، وأن مجرد التفكير في فكرة تدويل الحرمين هو بالنسبة للسعودية والسعوديين قيادة وشعبا «خط أحمر»، ويمثل إعلان حرب عليهم، الأمر الذي يجب أن يعيه كل من يعتقد أنه قادر على أن يمس أمن المملكة أو سيادتها، أن يعيد حساباته ويفكر كثيرا.

وليعرف القاصي والداني من مشرق الكون إلى مغربه، أن الحرمين الشريفين في أيد أمينة تقوم على خدمتهما منذ الأزل إلى اليوم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهذا قدر السعوديين الذين شرفهم الله به، في أن تكون أقدس البقاع مكة والمدينة في بلادهم، وهذا القدر نعمة من الله لا نملك إلا أن نحمد الله عليه، أن شرفنا به على سائر الخلق والأوطان وجعلنا خداما لبيته، فكل عرق فينا ينبض بحبهما، وجميعنا صغارا وكبارا، نشعر بأنّا فداء للوطن، وأن كل غال يرخص من أجل أن يبقى، ونبقي على شرف الدفاع عن كل شبر فيه، وهذا عهد أخذناه على أنفسنا، ودرسّناه أولادنا، أن بلادنا هي عرضنا وشرفنا، ولا خير فينا، إن لم تكن رقابنا دونها لدحر كل عدو يفكر في أن يدنسها.

أما قطر اليوم، فما من شك أنها تعيش حالة تخبط في سياساتها، وستدفع ثمن تخبطها وهي تسير بخطوات عمياء لترتمي في أحضان إيران، فتقيم معها معاهدات لحماية أمنها وحدودها البحرية، وكيف لها أن تعقد صفقة حماية مع الشيطان، وشغلها الشاغل الذي ملأ تفكير زعاماتها كيف يسرقون خيراتها، ويستولون على نفطها وأرضها، ويسيطرون على سيادتها كما فعلوا بدول، هذا حال قطر العمياء اليوم مع إيران الملالي، وستدرك أنها تخطو خطوات غير محسوبة إلى المجهول، وستدرك خطأ تخليها عن حضنها الخليجي وهو حضنها الطبيعي، لترتمي في أحضان ملالي طهران الذين لم يتركوا حيلة إلا وهدفوا بها من خلال أذنابهم للعبث باستقرار دول الخليج العربي، من أجل السيطرة على شعوبها عقديا، وتوسيع نفوذهم في أراضيها بما فيها قطر نفسها، فكراهية إيران الملالي لدولنا، لا يمكن أن تخفيها دسائسها، فكم حاولت في مواسم الحج العبث بأمن الحجاج، وكم حاولت العبث بأمن البحرين والكويت، وإصرارها على احتلال جزر الإمارات «طنب الصغرى والكبرى وجزيرة أبو موسى» ورفض أي حوار حولها، فإيران دولة عدوانية، لم ولن تتوقف عن تهديد منطقتنا العربية والسلم الدولي، يظهر ذلك من خلال إصرار ملاليها على امتلاك السلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى التي يمكنها أن تشكل تهديدا لأي بلد، بما في ذلك الأراضي الأميركية، ولكن خابوا وخسروا هم وأذنابهم من الميليشيات وكل الذين رهنوا أنفسهم لأهل العمائم، ليجعلوا منهم أدوات يستغلونهم لخيانة أوطانهم.