محمد الجهني



احترت مع ابني أريده مهندساً أو طبيباً، وهو يرغب أن يصبح لاعب كرة قدم، فهو لاعب ماهر، يمتلك كل مواصفات اللاعب الناجح، هو عاشق ومحب، ونتيجة لذلك أشغلته الكرة عن دراسته لعباً ومشاهدته للمباريات، فانحدر مستواه الدراسي نتيجة تعلقه وحبه وعشقه لكرة القدم، ففكرت وشاورت هل أساعده وأدخله إلى الأكاديميات الكروية وأستثمره لاعبا في كرة القدم، أم استثمره في التعليم، ليصبح طبيباً مبدعاً أو مهندساً مشهوراً أو محامياً أو طياراً أو شيخاً قاضياً، ففكرت وفكرت، وتناقشت مع العائلة، فأجمعوا على كرة القدم، والسبب رغبته والثراء السريع والشهرة، وما سيجمعه من أموال طوال مراحله العملية يمكن أن يجمع أضعافه في بضع سنوات، وبعقد خرافي يمكن أن يتجاوز الثلاثين مليونا، وخاصة أن ابني موهوب ووسيم ما شاء الله تبارك الله ويمكن أن يصبح ميسي السعودية.

 ولكن إذا استثمرته في كرة القدم وساعدته على ذلك، علي أن أوضح له عددا من المفاهيم والعبارات والأحداث والحركات التي تعمل داخل كواليس الأندية وبين اللاعبين، خاصة أنني لدي خبرة في المجال الرياضي لاعباً وكابتن للفريق ورئيساً ونائب رئيس وحاليا عضو في أحد الأندية، ولي علاقات مع عدد من الشخصيات الرياضية، وأعرف ما يدور في الأندية وبين اللاعبين. ونتيجة لذلك أصبحت في صراع داخلي وحيرة من أمري، ومستشعرا الأمانة، فكل راعٍ في أهل بيته، والابن أمانة، وزينة الحياة الدنيا، فهل أحقق رغبته واتجاهه ليكون لاعبا في أحد الأندية والأكاديميات، أم أحقق رغبتي في مواصلة تعليمه، والجمع بينهما صعب، وخاصة أن صاحب صنعتين لا ينجح غالبا.

 ونتيجة لكثرة التفكير في مستقبل ابني أحيانا أجد نفسي متجهاً إلى اتجاه آخر، وتغريني ملايين مزاين الإبل، وخاصة بعد أن أسمع عن قيمتها المليونية، وأفكر أن أشتري له عددا من الإبل المزاين ليستثمر فيها، ويمكن أن يضرب حظه يوما ويبيع ناقة مزيونة بالملايين، وخاصة أننا في عصر المادة، وتربية الإبل أسهل، وما زلت في حيرة من أمري مع مستقبل ولدي وإلى أين أوجهه؟ هل إلى التعليم كما هي رغبتي، أم يتجه ليكون لاعب قدم كما هي رغبته، أم يكون مربيا لمزاين الإبل كما هي رغبة أحد أفراد العائلة، حقيقة في حيرة من أمري، وكل أسبوع نعقد مجلس الشورى العائلي، ونخرج بدون حل، ولكن يبدو أنني سأمشي مع التيار ومع ميوله وأستثمره لاعبا في كرة القدم، لعله يصبح من أصحاب الملايين والشهرة، وبلا سهر الليالي في الدراسة لطلب النسبة التراكمية والموزونة وقدرات وقياس ومدرس خصوصي، وبعد ذلك بحث عن واسطة ووظيفة ويمكن أن يجد و قد لايجد.