العراف الإندونيسي من الجيل التاسع قال لـ إليزابيث جيلبرت، عليك ألا تقلقي من شيء صدقيني. لكنها اعترفت أنها لم تصدقه، فبعد أشهر فقط خاضت تجربة طلاق مريرة مع رجل اكتشفت أنها لم تعرفه، وكما يقال عليك أن تطلقي الرجل حتى تعرفيه حقا.

على كل حال جعلت إليزابيث من الأسى الذي صنعه نكتة ضحكت عليها وهي تتأمل كيف طالبها أن يكون له نصيب في أرباح بيع كتبها وتقاعدها المستقبلي، رافضا أن يوقع ورقة طلاقها.

وما جعل الأمر أسوأ أنها وقعت في الحب وهي في قمة هذا التعقيد مع رجل مختلف، عيناه بنيتان حد الإرباك، يعجبه أن تخبره كم تحتاجه وكم تحبه، فيتركها ليعود ويعود ليتركها، مثقف حد الدهشة، حنون حد القسوة، مميز لدرجة أن تلتفت نحوه كل النساء وهو يمثل أحد أدواره على مسارح برودواي، وتنظر هي إلى الأرض بعجز المحارب الذي فقد أسلحته في أرض المعركة، فأي شيء يجعل رجلا مثله يستمر في حبها وهي المليئة بالتعقيد الغارقة في المشاكل، حتى استيقظت ذات يوم وقررت أن تترك في نيويورك رجلين يكرهانها لتبحث عن ذاتها وتقطع عاما كاملا من التأمل في ثلاث دول بعيدا عن كل الضغوط، لتجد ذاتها وتجد نجاحها ورجل حياتها الذي كان محظوظا أن يجدها، وقد تعبت من أن تكون مشاكسة، هذه التجربة صنعت من إليزابيث كاتبة من أكثر الكتاب تميزا وإبداعا، ويصبح كتابها الجميل «كل، صل، حبّ: امرأة تبحث عن كل شيء» الأكثر مبيعا، أكبر لغز وأهم «حدوتة» يجب أن ندركها هي أنفسنا من نحن وماذا نريد، وفي هذا العالم المتسارع نفقد اللحظة التي نلتقي بها بذواتنا حتى تمر السنون ولم نرها ولم نجلس معها، فننتهي وهي كغريبين جدا لم يقولا لبعضهما حتى «سلام».

إن معرفتك لذاتك ستجعلك تتلمس حاجاتها فتجعلها أولوية، وهذا يحميك في أن تكون مجرد ملبٍّ لحاجات الآخرين، معرفتك لذاتك ستجعلك تتعرف على أهدافك، وسينعكس ذلك على قراراتك وكل ما تفعله في الحياة لتجعلها الحياة التي تستحق.