بعيدا عن الأسواق والمجمعات التجارية، يركن بعض من يُعرَفون بأصحاب «سيارات الشتاء» مركباتهم بالقرب من مداخل المدن والمساجد وبعض الأسواق الشعبية، وذلك لبيع ملابس الشتاء من قفازات وشراريب وجاكيتات، وغيرها، إلا أن الملاحظ في عمل هذه الفئة البسيطة مقاومتها أقسى الظروف الجوية الباردة، وذلك وفقا لرصد أجرته «الوطن» لرحلتهم وأماكن وجودهم عبر عدد من المدن، بدءا من منطقة نجران وحتى عسير.


يا رزّاق يا عليم


في جولة لـ«الوطن» عبر عدة مدن ومحافظات، بدأناها من نجران وحتى ظهران الجنوب مرورا بالحرجة، ثم مدينة سراة عبيدة، كان باعة ملابس الشتاء ينتشرون في كل مكان نصل إليه، إذ نجد كثيرا من الناس يتجمهرون بالقرب من سياراتهم، وهي عبارة عن مركبات من نوع «بيك أب» يملؤون أحواضها بآلاف القطع من ملابس ومستلزمات الشتاء.

ووفقا لعدد ممن التقت بهم الصحيفة، فإن هذا النشاط لم يظهر إلا في السنوات الأخيرة، رافعين شعار «يا رزّاق يا عليم»، تبريرا لمزاولتهم هذه المهنة التي تحفّها مخاطر التعرض للبرد ساعات طويلة جدا، أو مصادرة بضائع من بعض الجهات المعنية، كمراقبي ومفتشي البلديات.


جودة عالية


على الرغم من ارتفاع أسعار الملابس الشتوية في كثير من المحلات المعتمدة، إلا أن هؤلاء الباعة الجائلين يجلبون بضائع ذات جودة مميزة، الأمر الذي يفسّر غضب أصحاب المحلات التجارية عليهم، إذ اتهمهم البعض بمحاربتهم في رزقهم وجذب الزبائن، وفقا لشهادة أحد الباعة.

وذكر كثير من هؤلاء الباعة لـ«الوطن»، أنهم لا يملكون التصاريح اللازمة لممارسة هذا النوع من النشاط، إلا أنهم استدركوا بالقول: إن نشاطهم لا يختلف عن الباعة الجائلين في أي مكان، أو الذين يفترشون الطرق والحدائق لمزاولة مهنة البيع والشراء، ولذلك لا يتعرض كثير منهم للمضايقات من موظفي الأمانات.

 


شتاء وصيف


يقول البائع مبارك، إن موسمهم الشتوي يبدأ من محرم حتى نهاية ربيع الآخر، عندما تبدأ موجة البرد في الانحسار، وعزوف الزبائن عن الشراء، لأن موجة البرد الأشد قسوة قد رحلت ولن تعود حتى العام المقبل.

وأضاف، إن مهنتهم تتطلب كثيرا من الصبر ومقاومة البرد بشكل كبير، لأنها تبدأ بعد صلاة العصر ولا تنتهي قبل الساعة العاشرة ليلا. موضحا أنهم يحصلون على البضاعة من محلات الجملة من مدينة الرياض أو خميس مشيط، عن طريق الدفع بالآجل في بداية الموسم، ثم يبيعون ما تبقى من البضاعة في نهاية الموسم جملة أيضا، قبل سداد مديونياتهم، وقبل أن يشتروا بضاعة موسم الصيف المقبل.


لقمة عيش نكهتها التعب


ذكر البائع محمد سالم، أنه لم يواجه شخصيا أي ضغوط أو مضايقات من البلدية لترك المكان الذي يعرض فيه بضاعته على جوانب وخلفية ومقدمة سيارته.

وأضاف، أن هناك كثيرا ممن جربوا العمل في هذه المهنة الصعبة، ولكن لم يحالفهم الحظ وتوقفوا عن ذلك، لأنها تحتاج إلى كثير من الصبر والتأقلم مع الظروف الجوية، خصوصا في المناطق الباردة في جبال السروات.

وتابع «نضطر أحيانا إلى الابتعاد عن المجمعات والأسواق بسبب مضايقة أصحاب محلات الملابس لنا، خصوصا أننا ننافسهم على مستوى الجودة والسعر».

 


مشاهدات من الرحلة


01 رفض أصحاب المركبات السماح بتصوير وجوههم لأسباب شخصية


02 معظمهم مستواه التعليمي لا يتجاوز المرحلة الابتدائية أو المتوسطة

03 أثنى الجميع على تعامل بلديات المدن معهم وتفهُّم وضعهم الإنساني


04 بعد نهاية الشتاء يعمل كثير منهم في بيع الخضار أو إيصال الركاب بين المناطق


05 يقضون نحو 8 ساعات يوميا لبيع الملابس الشتوية


06 يشترون بضائعهم من المحلات الكبرى بنظام الدفع الآجل


07 يبتعدون عن البيع بالقرب من الأسواق ومحلات الملابس