صالح التويجري



نشرت إحدى صحفنا الإلكترونية الخميس 01 جمادى الأولى 1439، خبرا مؤلما لكل ضمير حي، جاء فيه أن إبلا مسيبة وليست سائبة، كما هو المتعارف عليه، تسببت بوقوع حادث مروري «مروِّع» بطريق رنية باتجاه بيشة أسفر عن إصابة 3 أشخاص. وقال المركز الوطني للعمليات الأمنية إن مجموعة من الإبل السائبة تسببت في الحادث، وفي 25 ربيع الآخر 1439، أبلغ مواطن المركز عن وجود مجموعة من الإبل السائبة على طريق الطائف الرياض، إلا أن قوة أمن الطرق أبعدتها، ولما أحسه من ألمٍ يعصر قلبي بسبب ما أقرؤه عن حوادث تلك الإبل المسيبة التي تذهب ضحيتها عشرات الأنفس جماعات وفرادى، أُسراً، آباء وأمهات، وأبناء وبنات، صغارا وكبارا، تضحّي بهم تلك الإبل (ولا من شاف ولا من دري) إلا بعد سرقة الوسم من على ظهور تلك الإبل التي تتسبب بحوادث الطرق، حوادث الموت، وبعد أن يختفي هذا الظالم يكون الخبر قد وصل إلى الجهات الأمنية والإسعافية فتباشر أعمالها الإنسانية، وقد سبق أن كتبت وكتب غيري في مختلف الصحف عن هذا الموضوع، لما نـحسه من ألم الفاجعة التي تنتاب أسر أولئك الشهداء، شهداء الغدر والاغتيال، واقترح الكتاب طرقا لمنع تسييب الإبل ومعاقبة أصحابها قبل وحينما تتسبب بإزهاق أرواح البشر من عابري الطرق البرية (كوضع الحزام العاكس)، على الإبل ليتنبه لها سائقو المركبات، ومنها وضع الوسم الخاص بعائلة أو قبيلة أصحابها لتتم محاسبة مالكيها حالما يحصل الحادث، ومنها أن تنشئ مراكز على الطرق لحجز تلك الإبل المسيبة (يتولاها أمن الطرق)، وعلى إثر تلك الكتابات صدر أمر سمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف -رحمه الله- نشرته الصحف في 1/12 عام 1424، موجه إلى إمارات المناطق والمراكز لتتولى ضبط وحجز الإبل التي تشكل خطورة على مرتادي الطرق، وأخذ تعهدات على أصحابها باستخدام الحزام العاكس على جميع الإبل، وإشعار المالك بمسؤوليته إذا ترتب على إبله حادث، وهنا وبمناسبة حصول الحوادث سالفة الذكر، أسأل هل تدل هذه الحوادث على أن أصحاب تلك الإبل كانوا قد نفذوا تلك التوجيهات الكريمة، وقبل هذا هل نفذت تلك الإمارات والمراكز ما وجهت به من لدن سموه -رحمه الله-؟ ولا أظن أن شيئا من ذلك حصل، بدليل توالي تناثر أشلاء ضحايا تلك الإبل يمينا وشمالا على الطرقات، ولكن ما الذي يعقب تلك الحوادث؟ يعقبها ترمل النساء وتيتم الأطفال، ومصابون ينتهي الأمر ببعضهم إلى الوفاة، والبعض الآخر ينضم إلى صفوف المعوقين الذين قد تكون حياتهم وموتهم سواء، ويا ترى من سيعوض أولئك الثكلى عما فقدوه، هذا من جانب، ومن جانب آخر أجزم أن وفيات وإصابات تلك الإبل المسيبة أكثر بكثير من إصابات قطع إشارات المرور المزعجة، متمنيا من الجهات المختصة التعقيب على توجيه سموه -رحمه الله- وتفعيله، فلعل الله ينقذ بسببه نفوسا زكية، وقلوبا حية، وعقولا ناضجة تخدم الأمة والدين والوطن، وتحفظ أرواح آباء وأمهات وأبناء وبنات، وتنقذهم من مصير أسود قد ينتظرهم.