الانتساب للهوية أمرٌ معروف في تقاسيم الشعوب، والحرص على الانتماء الوطني لبلدانهم وأوطانهم والاعتزاز بما تملكه دولهم من كفاءات وثروات يحافظ عليها المخلصون من أبناء الأوطان، وعلى مرّ التاريخ والحضارات شاهدنا كثيرا من دول العالم تعتز بهوّيتها وحضارتها وتراثها، وتدافع عنها بكل وسيلة، وخصوصاً عبر الصحافة والإعلام المرئي والمسموع كالحضارة الفرنسية والبريطانية والصينية وغيرها.
ونحن في المنطقة العربية يجب أن نحمل هذا الهاجس وندافع عنه بكل قوّة كيف إذا كانت هويتنا هي الهوية السعودية وانتماؤنا لبلاد الحرمين، فالانتماء هنا سيكون أعمق من أي حضارة، وعلى كافة رجال الإعلام أن يتَسلحوا بكل معاني الكلمة الصادقة لنقل صورة المملكة إلى الخارج أو من الخارج إلى الخارج حتى نَحمل صَوتنا إلى الآخرين، ونتحدث عن مكنوز قوي حضارة وإنتاجاً وتنمية على مر عصور الدولة السعودية، والحرص على إبراز هذا العمل الكبير تجاه وطننا وأمتنا.
اليوم اختلفت الصورة وبدأنا نلمح تنوّعاً في وسيلة الإعلام حتى رأينا وبكل أسف بعضاً من أبناء الوطن من يكون قلماً ناشفاً وحاداً تجاه وطنه وقضاياه المتنوعة رغم كثير من النجاحات التي حققناها على مختلف جوانب التنمية كالتعليم والصحة، وبدأ السعوديون يحصدون الجوائز العالمية وشهادات التفوّق في كافة التخصصات العلمية، ويشاركون العالم في النجاحات، وخاصة جيل اليوم الذي بدأ يجني ثمار التنمية السعودية وعودة كثير من المبتعثين إلى الوطن، اليوم يشاركنا الإعلام الخارجي والفضائيات في نقل صورتنا إلى الآخر، وهنا تبرز أهمية الدور الملقى على عاتق كل إعلامي صادق يبحث عن هويته وانتمائه أم أنه سيكون عاملاً مساعداً للفضائيات في جلد الذات، والنقد غير الموضوعي بهدف التقليل من الإنتاج والعطاء والتنمية التي عاشها السعوديون على مدى عقود من الزمن.
مهمة الإعلامي الصادق في رسالته أن يحمل همَّ الوطن في بيان الحقيقة والدفاع عنها حتى يعلم العالم من حولنا أننا أمةٌ منتجة، فقد رأى نجاحاتنا العالم أجمع في رؤية المملكة 2030 وعاصفة الحزم وإعادة الأمل والمشاركة في كثير من قضايا الأمة وبرنامج الإغاثة الإنساني للملك سلمان حفظه الله الذي وصلت إمكاناته إلى كل مكان في العالم، وخاصة البلاد التي أصابتها الحوادث والزلازل والفيضانات وإنقاذ شعوب الأرض حسب الاستطاعة وتحت مظلة القانون الدولي والأمم المتحدة، وأصبحت قوافلنا تدخل إلى مناطق الصراع في سورية والروهينجا، وقبلها في اليمن ومساعدة المحتاجين في العالم، دورنا في الإعلام الوطني والكاتب الصحفي هام في صناعة الكلمة ومصداقيتها، لا أن نكون خلف أبواق الفضائيات التي تطرح قضايانا ونحن صامتون، على كتابنا الدخول إلى هذه الفضائيات في العالم، ونقل الحقائق من مصادرها وإبراز منجزاتنا وتأكيد هويتنا الوطنية، وحرص الدولة على تنمية وطنها ومواطنيها عبر الكلمة والفضائيات والإذاعة، والمصارحة في تصحيح الصورة التي يريد الحاقدون إلصاقها بهذه البلاد وأهلها.
إن على كل إعلامي أن يتأكد من هويته وهو ينافح عن قضايا الوطن، ويكتب بإخلاص ويتحدث إلى المشاهدين وفق رؤية واقعية لإبراز منجزات وطن الشموخ، ولا عيب في النقد الهادف الذي يصل بنا إلى تصحيح الفساد وتصحيح النَّقص، فالكمال لله سبحانه، والدولة بكل مقدّراتها تقدّر للإعلام رسالته، ولكنها تطالبُه بالواقعية والمصداقية وتصحيح صورتنا أمام الآخرين في العالم، فنحن دولة منتجة، دولة لها رسالتها السامية، ولدينا من الكفاءات على مستوى الوطن ما نفاخر به الآخرين، ودمت يا وطني بخير.