طالعنا حساب الوزير النشط الذي لا يهدأ، المهندس خالد الفالح، في «تويتر» بخبر إقرار المقام السامي السياسة الوطنية للطاقة الذرية، والموافقة على إنشاء هيئة الرقابة النووية والإشعاعية كجهاز مستقل.

هذا خبر مهم جدا، فتنويع مصادر الطاقة شيء ضروري، في ظل استهلاكنا المتزايد للطاقة الكهربائية الناتجة عن الوقود الأحفوري، وهو مصدر غير مستدام بطبيعة الحال، عكس الطاقة النووية، وتعني الاستدامة هنا أنها مصدر طاقة لا ينضب.

كما تمت الموافقة من مجلس الوزراء على تنظيم هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وأحال مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى مشروعي قانون الرقابة على الاستخدامات النووية والإشعاعية، والمسؤولية المدنية عن الأضرار النووية، لدراستهما ضمن لجان مجلس الشورى المتخصصة. كتبت هذا المقال، كي أهنئ القيادة المستنيرة الحكيمة والوطن بهذا الخبر العظيم.

تحمل الطاقة النووية كثيرا من الاستخدامات السلمية في مجالات كثيرة جدا تفيد المجتمع، من الزراعة إلى الصناعة إلى إنتاج الطاقة الكهربائية، أيضا فهي تحمل محاذير إذا لم يتم التعامل معها بكل احترافية، وبناءً على أحدث نظم السلامة التكنولوجية.

لذلك، فمن نصائحي للهيئة أولا: أن تحرص على أن يكون هيكلها الإداري مناسبا مع نشاطها الرقابي. فالهيكل الإداري الضخم يثقل كاهل المنظمة، ويجعل تنفيذ القرارات والرقابة علي الأداء صعبة، والهيكل الإداري الصغير جدا يحمّل الإدارات ومهامها ما لا تتحمل، فلكل إدارة طاقة تشغيلية بشرية معينة ينبغي مراعاتها. الهيكل الإداري لا بد أن يعكس طبيعة عمل الهيئة، وحجم المهام المنوطة بها.

ثانيا: لا بد من النظر إلى تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في الطاقة النووية، للتعرف على طرق الرقابة على المنشآت النووية.

ثالثا: هناك منظمات دولية لها باع طويل في الرقابة على المنشآت النووية، وكذلك القوانين النووية، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتعاون معها هنا ضرورة تحتمها حداثة التجربة من جانبنا.

رابعا: استقطاب الكفاءات الوطنية قبل الأجنبية، من خريجي برنامج الابتعاث المتخصصين في الطاقة النووية والقانون النووي، تستطيع الهيئة دون صرف ريال واحد التوجيه إلى الطلبة على رأس الابتعاث في برنامج خادم الحرمين الشريفين، وأتحدث هنا عمن هو في مرحلة تحديد تخصصه الهندسي والقانوني، بأن يتجه إلى دراسة المواد التي لها علاقة بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية حتى يتخصص فيها، كأحد شروط القبول للعمل بالهيئة، بل تستطيع جمع المعلومات عن مبتعثي الجامعات وتطالب الجامعات بتحويل بعض مبتعثيها لدراسة مجالات الهيئة، حتى تستعيرهم لاحقا.

خامسا: على من يقود الهيئة أن يطالب مجلس الوزراء والشورى بإجراءات خاصة لمناقصات الهيئة، المناقصات العادية يكون المعيار فيها اختيار العطاء الأرخص والأجود، ولكن في مناقصات خاصة كالتي نحن بصددها، فإن الجودة لا السعر هو الذي يحكم الأمر. فعندما -لا سمح الله- تحدث كارثة نووية فهي ربما تكلف أضعاف أضعاف قيمة تلك المناقصة، بل وتؤثر على أجيال عدة، ولنا في حادثة مفاعل تشير نوبل -رغم قدمها- دروس كثيرة.

سادسا: لا بد من استحداث طرق رقابة فعالة إلكترونية وبشرية ذكية، بمعنى رقابة إلكترونية وبشرية لا تكلف كثيرا، وفي الوقت نفسه فعّالة، وهذا لن يتأتى للهيئة إلا بجلسات عصف ذهني بين متخصصي الطاقة النووية والقانونيين، وربما تطرح صندوق اقتراحات للعامة للمشاركة المجتمعية.

وسابعا وثامنا وتاسعا، الكوادر الوطنية، لا محل للأجانب في منشآت أمنية حساسة مثل المنشآت النووية، والتي ربما تكون عرضة لهجوم إرهابي أو اختراق أمني يضر الوطن.