انشغلت وسائل الإعلام العالمية -إلى حد كبير- بأول زيارة رسمية يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وهي زيارة مطولة يزور فيها مناطق متعددة من الولايات المتحدة.
بدأت رحلة الأمير محمد بواشنطن، إذ زار الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض، ثم انطلق إلى بوسطن، حيث التقى كبار الأكاديميين ورجال الصناعة، وبعد ذلك تستمر رحلة ولي العهد السعودي، إذ ستكون محطته التالية هوليوود.
ومن المتوقع أن يعود الأمير محمد بن سلمان إلى بلاده مع حفنة من الإنجازات التي سيقدمها إلى أبناء شعبه الذين ينتظرونه مع ما حققه من إنجازات.
وقد أصبح من الواضح -من مجريات الأحداث على الساحة السعودية والإقليمية والدولية- أننا نشهد حاليا فترة وصلت فيها العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. ويرتبط ذلك بعدة عوامل، بما في ذلك شخصية كل من الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب، وولي العهد السعودي الذي يقود حملة سريعة للإصلاح في المملكة.
السعودية كانت ترى أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد تخلى عن العلاقة الخاصة التي تربط بين أميركا والمملكة، بينما استعاد الرئيس ترمب، الذي جعل السعودية الوجهة الدولية الأولى في رحلاته الخارجية، تلك العلاقة وعززها. أما مهمة ولي العهد، فإنها الاستمرار في برنامجه الإصلاحي المتسارع، لما فيه مصلحة بلاده وشعبه، وتغيير صورة بلاده على الساحة الدولية.
في مقابلة أجراها الأمير محمد مع برنامج «60 دقيقة» الشهير على قناة CBS الأميركية، والتي عرضت الأحد 18 مارس قبيل بدء زيارته إلى الولايات المتحدة، اتهم ولي العهد السعودي إيران وسلوكها منذ ثورة 1979، بالتشجيع على ظهور التطرف في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، بما في ذلك في السعودية.
وأكد الأمير محمد أن المجتمع السعودي قبل 40 عاما، أي قبل قيام الثورة الإيرانية، كان مجتمعا معتدلا، إذ كانت النساء قادرات على قيادة السيارة، وكانت هناك دور سينما في المملكة، لكن المجتمع السعودي تحول إلى بعض التطرف، بسبب تغيير السلوك الإيراني في المنطقة. وبالطبع، فإن القيادة السعودية لديها مشكلة من نوع خاص مع الملف النووي الإيراني والاتفاقية النووية الإيرانية. فقد وقفت الرياض منذ البداية ضد التقارب بين واشنطن وطهران، لأنها لم تكن ترى أي تغيير في السلوك الإيراني على مستوى المنطقة، منذ الثورة الإيرانية، حتى بعد توقيع الاتفاقية النووية. والآن، لدى الأمير محمد كثير من الملفات التي ناقشها مع الرئيس دونالد ترمب، بما في ذلك إيران واليمن، لكن الملف الأهم ربما كان ملف الإصلاحات في السعودية، والتوقعات التي يأمل ولي العهد السعودي تحقيقها في بلاده بحلول 2030.
الأمير محمد بن سلمان، يفهم جيدا أن الدعم الأميركي للمملكة ليس مضمونا إلى الأبد. فبعد حوالي ثلاث سنوات ستكون هناك انتخابات رئاسية أميركية، قد تجلب رئيسا جديدا إلى البيت الأبيض، يحمل معه خطة عمل مختلفة حول الشرق الأوسط.
لكن التغييرات والإصلاحات التي يجريها ولي العهد في بلاده، هي التي يمكن أن تضمن له استمرار واستقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية لعقود طويلة، دون أن يكون اعتماده الرئيسي على الدعم الغربي.
کامليا انتخابي فرد*
*صحفية أميركية/إيرانية، كاتبة ومحللة سياسية – نقلا عن موقع (سي إن إن الإخبارية) - الأميركي