تمتلك السعودية أكبر مصفاة لصناعة تكرير النفط في الولايات المتحدة الأميركية، وهي مصفاة «بورت آرثر»، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 600 ألف برميل يوميا، استحوذت عليها شركة «أرامكو» بالكامل العام الماضي، وتقع المصفاة في ولاية تكساس، وتمتلك 24 محطة توزيع في المنطقة. معقولة؟! يتساءل أحد المشككين العرب! الله يهديك! لحظة.. اسمع الباقي.

وللسعودية الحق الحصري في بيع الديزل والبنزين في كثير من الولايات الأميركية، وتعدّ السعودية ثاني أكبر مصدر للنفط إلى أميركا بعد كندا؛ وبالتالي تقوم السعودية بنقل نفطها الخام إلى المصفاة أو «جوهرة تاج» صناعة النفط الأميركية، كما يسميها الأميركان، وبعد ذلك يتم بيعه في الأسواق الأميركية.

مش معقول! أكبر مصفاة في أميركا تملكها السعودية؟! ونقول له: معقوله ونص...

الخبر العام الماضي، ولكن عيونه وعقله ولسانه ركّز على أننا كسعوديين وهبنا ملياراتنا للأميركان لنتقي شرهم وخطرهم! مع تغييب كامل لمصالح شعبنا وحاضرنا ومستقبلنا. والواقع بعيد عن الغبش الذي أصاب عيون بعض العرب، فالاستثمارات السعودية الأميركية الضخمة ستنعكس إيجابا على البلدين، وتحقق للسعودية أهداف رؤيتها 2030 في تنوع مصادر الاستثمار، والدخل الوطني، وخلق الفرص الوظيفية لأبناء الوطن.

حلَّ -الأسبوع الماضي- في واشنطن الضيف الكبير وعرَّاب رؤية 2030؛ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في زيارة نوعية تجاوزت استعراض وتعميق الصداقة بين البلدين، إلى شراكة تكاملية تعاونية حقيقية في السياسة، والاقتصاد، والدفاع.

يشكل حجم التبادل التجاري للسعودية مع أميركا ما نسبته 51%، وتحتل أميركا المرتبة الثانية في حجم التبادل التجاري للسعودية، بواقع 69 مليار ريال من أصل حجم التبادل التجاري للمملكة مع دول العالم، والذي يقدر بـ135 مليار ريال، حسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء. بينما يبلغ عدد المشروعات السعودية الأميركية والمختلطة العاملة في السعودية 474 شركة، وتبلغ رؤوس الأموال لهذه الشركات نحو 57 مليار ريال.

فِكْر الأمير محمد بن سلمان الاقتصادي جعل الإستراتيجية السعودية في التسليح تتغير من شراء الأسلحة إلى نقل المعرفة، وتعزيز المحتوى المحلي في الصناعات العسكرية، إذ تعدّ السعودية من أكبر 5 دول على مستوى العالم إنفاقا على الدفاع، وتشكل نسبة الإنفاق العسكري حوالي 21% في ميزانية عام 2016، وتفعيلا لهذه الإستراتيجية فإن شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية -وهي أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم- تستثمر في السعودية خلال شراكة تقدر بنحو 28 مليار دولار، تغطي أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي، والطائرات التكتيكية، والسفن الحربية، كلُّ هذا سيؤدي -إلى جانب القوة الدفاعية والأمنية- إلى نقل المعرفة وتطوير المهارات وتعزيز المحتوى المحلي في الصناعات العسكرية السعودية، وكذلك سيزيد الطلب من الشركات المنفذة لهذه الصفقات داخل السعودية على المنتجات المحلية، كالمواد الخام والحديد، وكذلك الخدمات اللوجستية والتدريب، فضلا عن الفرص الوظيفية الكبيرة التي ستخلقها هذه المشاريع.

زيارة ولي العهد إلى أميركا تحقق نتائجها المدروسة سلفا، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأمير الشاب يحقق بالأرقام والأفعال النتائج النوعية الداعمة لاقتصاد وأمن الوطن.

لذا، لا عجب أن يحتفل البيت الأبيض بالضيف الكبير، أمّا واجبنا فهو أن نرى الواقع والمستقبل برؤية «الرؤية»، عندها تظهر المليارات العائدة!.