فيما أجمع مراقبون على أن الحرب الإلكترونية ظهرت كسلاح مهم في جميع أوقات العواصف التي ضربت منطقة الشرق الأوسط عام 2011، تحت مسمى الربيع العربى، قال تقرير أعده الباحث والمحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط، فادى عيد، إن إيران كان مقدر لها ربيعا «على غرار الربيع العربي» عام 2009، أثناء فترة الانتخابات الرئاسية، ولكن قبل أن تأتى إليها العواصف الإلكترونية كتمهيد لثورة ضد النظام، حيث تمكنت طهران وقتها من قطع الطريق بعواصف جيشها الإلكتروني بين الخارج والمعارضة في الداخل، وهو ما أسهم في توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبار، عام 2015 ودخول المنطقة مرحلة جديدة.

 


تطورات الجيش الإلكتروني


تطرق التقرير إلى التطورات التي لحقت بالجيش الإيراني الإلكتروني، مبينا أنه مع ظهور شبكة معلومات ومواقع التواصل الاجتماعي وبالتزامن مع الحراك السياسي الداخلي في إيران وتضخم نفوذ المعارضة الإيرانية قبل الانتخابات الرئاسية 2009، وحدوث العديد من التظاهرات الضخمة التي نددت بالرئيس السابق أحمدي نجاد، ونظام خامئني «الذي يعد امتدادا لنظام الخميني»، كانت المعارضة الإيرانية كالحركة الخضراء وغيرها على اتصال دائم بجمعيات ومراكز حقوقية وإعلامية وسياسية في الولايات المتحدة وأوروبا.


عمليات القرصنة


أضاف التقرير أنه في هذا التوقيت ظهرت مجموعة أخرى إلكترونية بدأت بالتواصل مع تلك المراكز في الغرب والمواقع الأميركية التي كانت تستهدف التواصل مع المعارضة، قبل أن تقوم تلك المجموعات باختراق كافة حسابات المعارضة لتقطع الطريق بين المعارضة والخارج، وتعزلها عن العالم تمهيدا للتعامل المباشر معها، وبعد ذلك ظهرت تلك المجموعات باسمها الحقيقي، وهو «Ir.CA»، أي الجيش الإيرانى الإلكتروني.

وأشار إلى أن مجموعة واحدة من مجموعات الجيش الإلكتروني الإيراني استطاعت وقتها السيطرة على 300 ألف جهاز كمبيوتر داخل إيران، ومراقبة كافة مستخدمي شبكة الإنترنت، لافتا إلى أن عام 2009 شهد الميلاد الحقيقي للجيش الإيراني الإلكتروني على الساحة العالمية بعد أن نفذ أكثر من عملية قرصنة على مواقع عالمية كموقع التواصل الاجتماعي تويتر، وفي العام التالي قام بالقرصنة على موقع بايدو «محرك البحث الصيني»، ثم موقع صوت أميركا.


تجنيد الشباب


حسب التقرير ففي عام 2011، قامت السلطات الإيرانية بعملية تجنيد واسعة لتعزيز قدراتها الإلكترونية بعد تجنيد المئات من الشباب المتخصصين والمحترفين ببرامج القرصنة والمهتمين بإتقان برمجيات الكمبيوتر بعد أن وضع لهم الحرس الثوري مرتبات شهرية ضخمة جدا، وفي نفس العام بدأت إيران في الاستهداف الإلكتروني لعدد من المؤسسات الحكومية الأميركية كالمنشآت النووية، وفي عام 2012 بدأت طهران في شن سلسلة من الهجمات الإلكترونية على مؤسسات اقتصادية ومالية كبرى في الولايات المتحدة مثل جي بي مورغان، وات إس بي سي، وستي جروب، وسن ترست.


الفضاء الإلكتروني


في مارس 2013، أعلن علي خامئني إنشاء المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، ويضم كلا من رئيس الجمهورية، والمتحدث باسم البرلمان الإيرانى، ورئيس القضاء الأعلى، وقائد الحرس الثوري، وقائد الشرطة، وممثل المرشد الأعلى، والمسؤولين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والعلوم، والبث الرسمي، ومنذ نشأته اتخذ المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني خطوات مهمة لتطوير قدرات إيران الإلكترونية كإنشاء العديد من المؤسسات والمراكز البحثية في مجال الفضاء الإلكتروني، وتطوير المؤسسات العاملة في مجال الاتصالات، وأمن المعلومات وعلوم الكمبيوتر، كذلك دعم مجموعات الحرس الثوري الإلكترونية التي تستهدف الدول المعادية لإيران، وبعد تنامي خطر الجيش الإيراني الإلكتروني وكثرة تعرضه لأهداف في الولايات المتحدة كبدت الاقتصاد الأميركي مليارات، جاء الثأر قويا باغتيال مجتبى أحمد قائد برنامج الحرب الإلكترونية في أكتوبر 2013.


مهاجمة 50 مؤسسة


في ديسمبر 2014 أظهر تقرير كايلانس عن الأمن الإلكتروني يوضح أن إيران نفذت هجمات إلكترونية على 50 مؤسسة في 16 دولة، تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة بعد اختراق الجيش الإيراني الإلكتروني للعديد من الأهداف والمنشآت الهامة كشبكة البنية التحتية الأميركية وشركات النفط الكبرى والكهرباء والغاز والمياه والطرق والنقل وشبكات أمن المطارات وقطاع البنوك والمصارف، ويأتي في مقدمتها بنك أوف أميركا، وبنك جيه بي مورغانو، وبنك يلز فارغو. وهو الأمر الذي جعل البيت الأبيض يصدر قوانين جديدة تتيح للولايات المتحدة وضع عقوبات اقتصادية على الدول التي تقدم على القرصنة الإلكترونية، وتشكل تهديدا لاقتصاد الولايات المتحدة، قبل أن يرد المسؤول العسكري الإيراني قولا مريزا جلالي بأن بلاده ستقاتل العدو حتى في الفضاء الإلكتروني.


الحروب اللاتناظرية


وفقا للتقرير، فإن إيران استخدمت في توجهاتها ما يسمى بـ«الحروب اللاتناظرية»، تلك التي تجنبها كشف نقاط الضعف العسكري لديها بجانب قلة تكلفتها المادية، مبينا أن طهران استخدمت في هذا السياق أسلوبين: الأول هو حرب العصابات بعد أن باتت لها ميليشيات في المنطقة كحزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وسرايا الأشتر وائتلاف 14 فبراير وغيرها في البحرين، إضافة إلى ما يقرب من 40 حركة وكتيبة مسلحة في العراق، بجانب ميليشيات في قطاع غزة، ودول القرن الإفريقي، وغرب إفريقيا. أما الأسلوب الثاني فقد كان السلاح الإلكتروني، والذي جعل المنافسة في ذلك المجال تزداد بين طهران وتل أبيب. وأكد التقرير أن السلاح النووي لم يكن الورقة الوحيدة التي جعلت طهران توقع الاتفاق النووي، في إطار إعادة تقسيم الأدوار في الإقليم، إذ إن الحرس الثوري الإيرانى بدا وكأنه يعول على جيشه الإلكتروني في تكتيكاته لتحقيق أطماعه في المنطقة.


من عمليات الجيش الإلكتروني


01 تنفيذ هجمات إلكترونية على 50 مؤسسة في 16 دولة بالعالم


02 اختراق كافة حسابات المعارضة الإيرانية وعزلها عن العالم


03 السيطرة على 300 ألف جهاز كمبيوتر داخل إيران عام 2009


04 تنفيذ عملية قرصنة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر


05 القرصنة على موقع بايدو «محرك البحث الصيني» وموقع صوت أميركا


 أبرز العصابات


حزب الله اللبناني


أنصار الله في اليمن


سرايا الأشتر وائتلاف 14 فبراير في البحرين


ميليشيات في قطاع غزة

عصابات في دول القرن الإفريقي وغرب إفريقيا


40 حركة وكتيبة مسلحة في العراق