بلا شك! إن إقامة المؤتمرات والندوات والمعارض تحقق نتائج إيجابية؛ كتبادل المعلومات، واكتساب الخبرات، ومعرفة أفضل الممارسات المهنية العالمية حول موضوع هذا المؤتمر أو تلك الندوة، فضلا عن الاستفادة العلمية من الأوراق والبحوث التي يقدمها الخبراء الدوليون، والتي خلالها تتشكل مخرجات المؤتمر وتوصياته.

في المقابل هذه المؤتمرات والندوات تكلفتها مرتفعة باهظة، ولعلنا نطرح تساؤلا بسيطا: هل تحقق أهدافها؟!

في 9 أبريل الجاري، أُقيم المعرض والمنتدى الدولي السادس للتعليم 2018 بعنوان: «التعليم والتعلم في الطفولة المبكرة»، واستمر 3 أيام، وشارك فيه 120 خبيرا محليا ودوليا، وقُدِّمت فيه 33 ورقة عمل، و17جلسة، و91 ورشة، و135 جهة كانت مشاركة في المعرض المصاحب، وأعلنت وزارة التعليم أن نسبة الملتحقين برياض الأطفال في السعودية 17%، وهي نسبة متدنية لا تتسق مع حجم التطلعات والطموحات، وكذلك أهمية الموضوع وتصريحات قيادات الوزارة عن إيمانها بأهمية التوسع في رياض الأطفال.

من داخل المعرض المصاحب للمؤتمر، ارتشفت عشرات فناجين القهوة العربية في أجنحة المعرض المتنوعة، وقفز إلى ذهني السؤال التالي: هل سبق أن نفذّنا مؤتمرا دوليّا حول الموضوع ذاته تدفعنا توصياته إلى مراحل متقدمة؟

وخلال البحث، اتضح أن جامعة «الأميرة نورة» نظمت في منتصف نوفمبر 2012 مؤتمرا دوليّا عن الطفولة المبكرة بعنوان: «طفولة آمنة... مستقبل واعد»، كان من أهدافه الرئيسة: «متابعة تنفيذ القرار السامي وقرارات وزارة التعليم الداعية إلى التوسع في خدمات الطفولة المبكرة في جميع مناطق المملكة العربية السعودية».

بينما الهدف الثالث للمؤتمر أكد على: «أهمية متابعة تنفيذ الهدف الأول من أهداف التعليم للجميع التي أُقِرِّت في دكار عام 2000، والذي يدعو إلى نشر وتحسين رعاية وتربية الطفولة المبكرة الشاملة».

وكان أحد الأهداف المحددة للمؤتمر «مناقشة العوائق والتحديات، وتحديد الأولويات، وفرص التطوير التي تدعم النهوض ببرامج رعاية وتربية الطفولة المبكرة».

وكان ضمن مخرجات المؤتمر «نشر الوعي بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة أساسا لبناء المستقبل».

المؤتمرُ دوليّ وبرعاية ملكية، والجامعة تحت مظلة الوزارة، والأهداف والأبحاث والتوصيات شخصت الواقع، وأوجدت الحلول، فلماذا لم نُفَعِّل مخرجات المؤتمر، ونحقق التقدم المنشود في ملف الطفولة المبكرة؟!

بعد 7 سنوات على ذلك المؤتمر الدولي، تعلن الوزارة أن نسبة الملتحقين برياض الأطفال في السعودية 17% فقط!.

وزارة التعليم خلال المؤتمر الدولي السادس للتعليم 2018، أعلنت خطتها للتوسع في جميع مناطق المملكة، إذ تسعى عبر مبادرة التحول الوطني إلى رفع نسبة الملتحقين برياض الأطفال إلى 30% بحلول 2020، وصولا إلى 70% في 2030، وسيتم إنشاء 1500 روضة لخدمة 250 ألف طفل، منها 1000 مدرسة أهلية، و500 مدرسة حكومية، وجميع هذه المشاريع تتسق هندسيّا لخدمة الأطفال ذوي الإعاقة بأنواعها. وستنفق ملياري و200 مليون كاستثمار في الطفولة المبكرة.

ويدعم هذا التوجه في التوسع -حسب الوزارة- قرار من مجلس الوزراء بإلزام القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة التي توظف أكثر من 50 موظفة بفتح حضانات داخل المؤسسات. المؤتمر خرج بـ12 توصية، والوزارة تبذل جهودا مباركة تستحق الذكر والشكر، ولكن هل سيستفاد من مخرجات هذا المؤتمر؟! وهل سيصدر قرار بناءً على هذه التوصيات لتفعيل العمل وتحقيق الهدف وتعظيم الاستفادة؟! خصوصا أن هذا المؤتمر هو السادس التي تنظمه الوزارة بعناوين مختلفة، وتستضيف فيه دولا لها تجارب رائدة في التعليم كأميركا، وفرنسا، وفنلندا. فهل جميع توصيات المؤتمرات الخمسة الماضية تحققت أو جزء منها على الأقل؟

كل ما أتمناه أنها سلمت من مرض «تحفظ» أو «تنسى بعد النشر»!.