يرى كثير من الناس أن استغلال الوقت هو العنصر الأهم في حياتهم، وأنه ليس هناك مجال للتأخير أو التأجيل، والبعض منهم يرى أن استغلال الوقت وتنظيمه شيء غير مهم، ذلك أنهم لا يُقيمون للوقت أهمية تُذكر، وهذه المفاهيم المنتشرة بين بعض مؤسساتنا الحكومية والخاصة جعلت منها مؤسسات أقل إنتاجية وأضعف أداء. وفي المقابل هناك من أدرك أهمية الوقت وألزم نفسه بالعناية به وبملئهِ بالعمل المفيد حتى يتواكب مع العرض والطلب.
يقول الدكتور عبدالكريم بكار إن حجم استغلال الوقت، ومدى الاستفادة منه يُعتبر من أهم العلامات الفارقة والفاصلة بين الأمم المتقدمة الناجحة والأمم المتأخرة، وهو كذلك الخط الفاصل بين الأشخاص الناجحين وغيرهم. ونضيف أن احترام الوقت هو العلامة الفارقة في التعامل بين مقدمي الخدمة والعملاء.
قد يكون مقبولا أن تتأخر رحلة جوية ما عن الموعد المحدد لإقلاعها لأسباب قد تكون خارجة عن سيطرتها، ولكن عندما تتأخر رحلات متعددة وفي مطارات مختلفة ولأيام متعاقبة وتكون الجهة الناقلة هي من تحدد للعميل رحلته القادمة وموعد إقلاعها دون أي اعتبار لرأيه، فهذا يعكس خللا في منظومة العمل، وعدم القدرة على تلبية متطلبات العملاء.
شركات تويوتا وسامسونج وأبل أصبحت الأفضل عالميا في نظر المستهلك، لأنّها تعتمد على مبدأ عالمي يُسمى مبدأ (لين)، والذي يعني ببساطة إضافة كل ما يرضي المستهلك، وإزالة كل ما يتعارض مع رغباته، وتحقق ذلك من خلال فتح قنوات التواصل مباشرة مع المُستهلك ومعرفة ما يُريد وما لا يريد، وعليه لا نستغرب أن تستدعي تويوتا سيارات لوجود مُلاحظات من قبل المستهلك. ولا نستغرب قيام شركة أبل باسترجاع أجهزة آيفون وتوفير البديل لتذمُر بعض العملاء، وهي نقطة لو تنبه لها قطاع النقل الجوي لارتفعت معايير الجودة في تقديم الخدمة وزاد معدل رضا العملاء.
ورغم ارتفاع الأسعار في خدمات النقل الجوي من فترة لأخرى إلا أن هذه الزيادة في الأسعار والتكاليف لم يقابلها ارتفاع في مستوى جودة الخدمة ورضا العميل.
وفي غياب أي بيئة عمل تنافسية فإن هذا الغياب يولد الخمول وعدم القدرة على التطوير والتجديد، والتقوقع على نفس الطريقة في تقديم الخدمة للعملاء. كذلك فإن ذلك الغياب يجعل العميل مجبرا على التعامل مع تلك الجهة المقدمة للخدمة.
إن نجاح سوق الطيران الداخلي يستلزم من حيث المبدأ أن تخضع رخص التشغيل لمنافسة حقيقية معلنة، فضلا عن توفير بيئة تنافسية عادلة ومتساوية في معاملة جميع الشركات. كذلك فإن زيادة الشراكة مع القطاع الخاص لزيادة استثماراته في أنشطة النقل الجوي المختلفة، ولعل أهمها تطوير البنية التحتية للمطارات، وتجويد الخدمات المقدمة لمواكبة الزيادة في حركة وطلب المسافرين، قد يكون حلا ناجعا لما يعانيه القطاع الجوي الناقل في الوقت الراهن.
وأخيرا أصبح تطوير وحل مشاكل النقل الجوي الداخلي ضرورة ملحة، وتحتاج إلى قرارات عاجلة يكون هدفها الأول تخفيف معاناة العملاء، والحصول على رضاهم.