بعد أن أصدر مجلس الوزراء أمره بتنفيذ القرار الذي وافق عليه مجلس الشورى بخصوص سن قانون لمكافحة التحرش. النظام الذي استقر على تعريف التحرش الذي تطبق عليه العقوبات الواردة في النظام بأنه كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر يمس جسده أو عرضه أو يخدش حياءه بأي وسيلة كانت، بما في ذلك التقنية الحديثة. وقد تعددت وتدرجت الغرامات المالية لحدود العقوبة ووصلت غرامة المتحرش إلى نصف مليون ريال سعودي. القانون خطوة عظيمة في برامج تصحيح المسارات الإنسانية والاجتماعية والنفسية لمجتمع لديه الرغبة الفطرية والاجتماعية والدينية للعيش الكريم والآمن فقط كانت تنقصه قوانين مكتوبة وهي الآن تتحقق وعلى الجميع استخدام القانون بنزاهة وقوة. ويبقى السؤال هنا: هل سنجد في الأشهر والسنوات المقبلة حملات التبرع لمساعدة متحرش في دفع الغرامة المالية المستحقة عليه بفعل تحرش قام به تجاه آخر من ذكر أو أنثى؟ بطبيعة الحال ونظراً للقصص المتناثرة بين القبائل في جمع مبالغ الديات «المُبالغ فيها» والتي تصل في معظم المرات إلى عشرات الملايين. وحديثي هنا ليس عن قصص القتل التي قد تلتمس العذر فيها للقاتل كالدفاع عن النفس من جان بأي شكل من الأشكال أو غيرها من القضايا التي تقشعر لها الأبدان أو تعويضات الحوادث الجنائية أو السيارات، ولكن في الجانب الآخر قصص في القتل العمد وبمبالغ ترهق القبيلة بسبب شخص قتل عامل المطعم في لحظة غيب الجوع عقله أو آخر قتل عامل المغسلة ‏الذي نشب معه في خلاف لتأخره عن استلامه زي العمل الرسمي الخاص به مبكراً أو غيرها من القصص التي تدل على استهتار الجاني بأرواح الأبرياء ومثل هذه القصص كثر، وبعضها تتجاوز مبالغ الديات لها المليون ريال ويُجبر أفراد القبيلة من فقراء ومحتاجين على جمع هذا المبلغ، ولا مجال للحديث هنا عن الديات التي تحولت إلى كابوس يئن منه أفراد القبيلة ومبالغ ما أنزل الله بها من سلطان. ولكن من منطق الموضوع وأن تتحمل القبيلة تهور شخص وعدم مبالاته بأرواح الآخرين أن تتحملها أيضاً من باب العدل والمساوة، فليس إهدار نفس بشرية بهذا الرخص مقارنة بكلمة قالها أحدهم أو أسلوب تحرش، وكما وجب على أفراد القبيلة أن تعذر هذا القاتل المتهور وجب عليها أن تعذر اليوم هذا المتحرش.

 لست هنا أبرر للمتحرش فعلته ولا للقاتل جنايته ولكن يؤلمني ما يعيشه أفراد القبائل في مجتمعنا، خاصة ميسوري الحال من التكبد وتحمل طيش وتمرد الآخرين واللامبالين بسبب انتمائهم لهذه القبيلة. وكما سُن قانون لمكافحة التحرش لاتزال القبيلة تحتاج لقانون ينظمها من تحمل غرامات أرهقتها لعشوائية سياستها ومسؤوليها، وأخشى ما أخشاه أن يتجرأ شخص ويتحرش بالنساء الفاضلات العفيفات وتوقع عليه الغرامة ثم ينبري أفراد لفرض المبلغ على قبيلة أفرادها بطبيعة الفطرة والأخلاق والدين والأعراف ضد التعرض للأعراض والتحرش بالنساء.