كان شهر يونيو عام 2000 من أسوأ الشهور التي حُفرت بذاكرة الجماهير الألمانية، بعد خروج المنتخب الوطني من الدور الأول ليورو 2000 بنقطة يتيمة، والمركز الأخير بمجموعته، وثلاثية شهيرة من البرتغال دقت ناقوس الخطر للشعب الألماني والقيادة الكروية في ذلك البلد، عندها انتفض الألمان وعملوا جاهدين على الحفاظ على إرثهم الكروي الكبير بثلاث بطولات للعالم ما قبل عام 2000 والوصيف لـ 3 مرات، وأيضاً البطل لثلاث مرات للبطولات الأوروبية، غير العديد من الإنجازات القارية والعالمية، قام الألمان بخطة إصلاح عاجلة لإنتاج أجيال كروية تصنع المستحيل، قام رئيس الاتحاد الألماني آنذاك بقيادة التحول عبر عدة خطوات منها:

1. إنشاء أكاديميات كروية لتدريب الموهوبين تتبع بعضها للأندية وتهتم بتطوير النشء الجديد من بنية جسمانية وتغذية وطريقة احترافية للعيش، ولا تحصل الأندية الألمانية على رخصة المشاركة بدوري الدرجة الأولى والثانية دون إنشاء وتطوير تلك الأكاديميات.

2. إرسال الكشافة في كل مكان بألمانيا لاستقطاب المواهب.

3. إنشاء ما يقارب أكثر من 400 ملعب كروي لممارسة لعب الكرة بكافة المدن الألمانية للطلبة غير المنتمين للأندية، حتى الوصول لرقم 1000 ملعب صغير مجهز لتطوير وتشجيع المواهب..

4. فرض قانون يمنع الأندية منح لاعبيها بمرحلة الأكاديميات وقطاعات الناشئين أي رواتب عالية، وذلك تداركاً لأخطاء وقعت فيها كثير من الدول على مستوى العالم.

5. السماح لغير ذوي الأصول الألمانية بالانضمام للأكاديميات والمنتخب الألماني.

6. التركيز على الاهتمام بعائلة اللاعب ومحيط بيئته وتفوقه الدراسي ووجود التفوق الدراسي كشرط مهم للانضمام للأكاديميات، وتعد ألمانيا الدولة الوحيدة تقريبا (وبفارق كبير عن فرنسا وإنجلترا)، التي جمعت بين التقدم الكروي والاقتصادي معاً بخلاف أغلب دول العالم الكبرى اقتصاديا والمتأخرة كروياً، مثل (أميركا- الصين- كندا- اليابان- الهند- كوريا).

 محلياً.. صعقت من تصريح رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم بالتنصل من الهزيمة الكبرى وتجهيز (أكباش) الفداء للحفاظ على موقعه.... إن النجاح لعمل جماعي والفشل أيضاً، والجماهير الكروية ليست من السذاجة لكي لا تعلم أسباب ذلك الانهيار الكروي، وأرجو من الجماهير السعودية عدم الانجراف العاطفي المبالغ فيه، فالهزيمة ليست مفاجأة وهي تعد الهزيمة الحادية عشرة بعد عام 1994 بدون أي فوز مونديالي خلال أكثر من عشرين عاما.

 وللعلم فهذه البطولة لها الكثير من المحاسن، حيث إني شخصياً أعمل لأن أصبح الحارس (القادم) بمونديال 2022، حيث إن وزني ومهاراتي لا تبعد كثيراً عن كثير من لاعبي هذا الجيل، ومن المحاسن الأخرى هو اكتشاف المواهب (التهريجية) لبعض محللي قنوات (مركز شرق سلوى) وتمتعهم بخفة دم نادرة الوجود قد تعرضهم إلى (تبخر) ذلك الدم بشهور الصيف، ونذكر الجميع بأن (المنتخب) السعودي (الحقيقي) قد انتصر في معركة (الحديدة) وأتمنى أن يتركز الدعم (الإعلامي) و(المادي) القادم على تطوير (التعليم) والاستثمار بـ(العنصر البشري) كأولوية قصوى، فدول مثل سنغافورة واليابان وكوريا والصين هي نموذج ناجح لتنمية العقول قبل تنمية (الأقدام).