عندما يقال أن كرة القدم علم مستقل فهذا نلمسه على أرض الواقع تحديداً خلال العقد الأخير الذي باتت الأمور الفنية ترسم بدقة في التدريبات وتفعل خلال النزالات، بل إن هناك مقاييس دقيقة تقرأ بها المباراة قبل بدئها وفق معلومات ترصد لمعطيات لاعبي الخصم وتوضع الحلول لها لكبح جماحها، وبالتالي يسهل تحقيق الانتصار انطلاقاً من معطيات رسمت على أرض الواقع ولعل أطرف ماقرأت في هذا الشأن أن حارس مرمى ألمانيا في مواجهة منتخب بلاده أمام الأرجنتين في دور الثمانية بكأس العالم 2006 كان النزال خروج مغلوب وتعادل الفريقان في شوطي المباراة بهدف لمثله وامتدت المقابلة للأشواط الإضافية ولم تحسم النتيجة، فلجأ اللاعبون لتنفيذ ركلات الترجيح، وفي غمرة الشد من اللاعبين والمتابعة الدقيقة من الجماهير كان حارس ألمانيا في ذلك الحين (ليمان) يخرج ورقة من «الشراب» الذي كان يرتديه ويرنو لها ثم يعيدها، ونجح الحارس في صد أكثر من كرة وفاز منتخب بلاده، واعتقد من يتابع المباراة أن الورقة قد تكون (تعويذة أو سحرا)، والصحيح كما كشفها مخرج المباراة، عندما أعطى الجهاز الفني للحارس خارطة الطريق لتسديد لاعبي الأرجنتين للكرة واستفاد من تلك المعلومات، عموماً الورقة بيعت بمزاد خيري ووصلت لمليون يورو تقريباً. الشاهد مما سبق يتأكد أن كرة القدم أصبحت تدار بالتكنولوجيا، بدليل أن هناك مدربا تقنيا لا يجلس مع الدكة ويستوطن المدرجات ومهمته قراءة الخصم والطرق التي يمكن الوصول فيها لمرماه، وأمام تلك الحقائق الدامغة قد تتحول كرة القدم مستقبلاً إلى عناصر أشبه بالآلية تركض داخل الملعب وتؤدي المهام، حتى لو كانت تفتقد للموهبة الكروية غير أنها تنفيذية للأفكار والمعلومات الدقيقة التي تطلب منها للوصول للهدف المرسوم، إلى ذلك فإن الوعد الذي قطعه رئيس الهيئة العامة للرياضة، تركي آل الشيخ، بصناعة جيل كروي يؤسس بطريقة مختلفة وفق معايير منظمة، متى ما تحقق ذلك وجلبت الكوادر التدريبية التي تصنع الفارق فلن يكون الأمر فيه صعوبة لأن نصل لنهائيات كأس العالم في السنوات المقبلة، بل ننافس على الأدوار المتقدمة، إذا علمنا أن اللاعب العربي لديه ذكاء خارق وقدرة على إحداث التميز متى ما أتيحت له الفرصة والتدريب المؤسس والأمل كبير أن نرى النتائج تتجلى على أرض الواقع مستقبلا.