في المجتمع المنفتح تتسع الحياة لتشمل جميع الأنماط والعقائد والأفكار، وتكبر مساحة الحرية لتكون قادرة على احتواء الخلاف والاختلاف. أما بقاء الأفكار والمعتقدات بعزلة عن العالم الداخلي والخارجي فقد يجعلها مع مرور الزمن بغيضة وغير مقبولة، والأدهى من ذلك عندما يتم منح تلك الأفكار الرجعية نوعا من القداسة، فيبدأ البعض في التمسك بها دون معرفة لمحتواها ويزداد الفارق ليكون شاسعا بينهم وبين تلك العقول التواقة للفكر والحرية. وللخروج من هذا النفق المظلم لا بد من الاعتراف أولا بخطأ المعتقد والفكرة والتوقف عن زرع المفاهيم الخاطئة والأفكار الطائفية وكبح الشذوذ عن العقل والمعقول. إن الاعتراف بالخطأ والعودة إلى الحق ليس عيبا أو ضعفا ولكنه قوة وشجاعة لتلك العقول التي بدأت تحارب التخلف والرجعية والطائفية وتحاول استرداد الأعمار الضائعة في قدسية الفقيه وولايته وعصمته.

لا يختلف العقلاء في أن فكرة الإمامة والفقيه كانت سببا رئيسيا في شق صفوف الإسلام والمسلمين، وكانت تهديدا للأمن الوطني في كثير من البلدان والأمصار التي كانت تعيش في أمن وأمان. ولا ينكر العقلاء أن ولاية الفقيه زرعت فكرا إرهابيا قام بتدمير المفاهيم الأخلاقية والفكرية والمصالح المشتركة للشعوب والمجتمعات.

على مر التاريخ كان التشدد للمعتقد الفكري والديني سببا في الكثير من النوائب التي أصابت الإسلام في مقتل، فمن تاريخ الخوارج إلى الثورة الخمينية والعالم الإسلامي يعيش في فرقة وخلاف وتدمير وقتل وتخلف ورجعية.

وأعتقد أن الكثير من أصحاب (الثورة الخضراء) في إيران قد تفهموا أخيرا أن الخطأ هو خطأ سواء أكان في التفكير أو الولاية، ولهذا كان الخروج على تلك المسلمات الباطلة. ورغم القوة المفرطة التي استخدمها الحرس الجمهوري لقمع ذلك الأمل الأخضر إلا أنه لم يستطع التغلب عليه وكبح جماح الحريات والانفتاح والتحرر.

ومما لا شك فيه أن العالم أجمعه بما في ذلك العالم المتشدق بالحريات والديموقراطيات ظل يقف موقف المتفرج من مصادرة حقوق الأقليات في الأحواز، ومن قتل كل من تسول له نفسه مجرد التفكير في انتقاد الفقيه وولايته. بل تدهور الوضع في الأعوام السابقة ليتم دعم الظالم في ظلمه وتعديه على الشعوب وإعطاؤه مساحة من الحرية ليتدخل في مصير بعض الشعوب ويزرع القتل والدمار.

والآن وبعد تغير الموقف الأميركي وتوحد الكثير من العقلاء أمام هذا المد الفارسي، فقد بدأ ذلك الخطر بالانكفاء على نفسه والعودة لحجمه الطبيعي، فتصريحات وزارة الخارجية الأميركية وضعت عددا من الشروط على إيران والتي تشكل تهديدا على ذلك النظام الفاشي للتوقف عن ممارسات العدوان والتدخل في شؤون الآخرين، والاستمرار في كونه مصدرا لتهديد دول المنطقة. كذلك أصبحت قوات الحرس الثوري في سورية في موقف لا يحسد عليه بعد تجفيف منابع الإرهاب والدعم وفرض العقوبات على حزب الله وإيران، كذلك كان انكسار الحوثيين في اليمن وتحرير 85% من الأراضي اليمنية. كل هذا سيؤتي ثماره وستنهار الدولة الفارسية على يد أحرار إيران وثورتها الخضراء.